ولما كانت الليلة العاشرة من المحرم خرج الحسين عليهالسلام في نصف الليل خارج الخيام حتى ابتعد ، فتقلد نافع سيفه وخرج في أثره ، فنظر الحسين عليهالسلام الى ورائه فرآه ، قال : أنافع هذا؟ قال : نعم سيّدي ، قال عليهالسلام : يا نافع ما أخرجك في هذا الليل؟ قال : سيّدي أزعجني خروجك الى معسكر هذا الطاغي الباغي ، فقال : يا نافع خرجت اتفقّد هذا التلاع مخافة أن تكون مكاناً لهجوم الخيل يوم تحملون ويحملون ، قال نافع : ثم رجع وهو قابض على يساري وهو يقول : والله وعد لا خلف فيه ... ثم قال : يا نافع ألا تسلك ما بين هذين الجبلين وتنجو بنفسك؟ فوقع نافع على قدمي الإمام يقبّلهما وهو يقول : إذاً ثكلتني أُمّي .. سيدي إن سيفي بألف وفرسي بمثله فوالله الذي من عليَّ بهذا الموقف معك لا افارقك حتى يكلا عن فري وجري.
قال نافع : ثم فارقني ودخل خيمة اُخته الحوراء زينب ، فوقفت بباب الخيمة ورجوت أن يسرع الحسين عليهالسلام في خروجه ، فاستقبلته زينب ووضعت له متّكأ وجلس يحدثها سرّاً ، فما لبث إن اختنفت بعبرتها وصاحت : وا أخاه وا حسيناه .. أخي اشاهد مصرعك وابتلى برعاية هذه المذاعير في النسوة؟ يعزّ والله عليَّ مصرعك ومصرع هؤلاء الفتية الصفوة.
ثم قالت له : أخي هل استعملت أصحابك من نيّاتهم فإنّي أخاف أن يسلّموك عند الوثبة واصطكاك الأسنّة؟ فقال لها الحسين عليهالسلام : أما والله يا زينب لقد لهزتهم وبلوتهم وليس فيهم إلّا الأسوش الاقعس ، يستأنسون بالمنيّة دوني كاستئناس الطفل بمحالب أُمّه.
فلما سمع نافع بكى وقال : اي والله. ثم إنّ نافع رجع الى خيمته وجعل