إن تسألوا عنّي فإنّي ذو لبد |
|
وإنّ بيتي في ذُرى بني أسد |
فمن بغاني حائد عن الرّشد |
|
وكافر بدين جبّار صمد |
ولم يزل يضرب فيهم بسيفه حتى عطف عليهم مسلم بن عبدالله الضبابي وعبدالرحمن بن خشكارة البجلي فاشتركا في قتله ، وثارت لشدّة الجلاد غبرة عظيمة فلمّا انجلت الغبرة إذ هم بمسلم صريعاً ، فمشى لمصرعه الحسين عليهالسلام وكان به رمق الحياة فقال له الحسين : رحمك الله يا مسلم ثم تلى (فَمِنْهُم مّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدّلُوا تَبْدِيلاً) (١)
ثم دنا منه حبيب وقال له : عزّ عليَّ مصرعك يا أخي يا مسلم أبشر بالجنّة ، فقال له مسلم قولاً ضعيفاً : بشرّك الله بالخير ، فقال له حبيب : لو لم أعلم أني بالأثر لأحببت أن توصني بجميع ما أهمك ، فقال له : أخي اُوصيك بهذا الغريب ـ وأشار بيده الى الحسين عليهالسلام ـ فقال له حبيب : والله لأنعمنّك عيناً.
أوصى ابن عوسجة حبيباً قائلاً |
|
فقاتل دونه حتى الحمام تذوقا |
نصروه أحياء وعند مماتهم |
|
يوصي بنصرته الشفيق شفيقاً |
قال الراوي : فما كان بأسرع من أن فاضت نفسه فصاحت جاريته : واسيّداه وا ابن عوسجتاه ، فتباشر أصحاب عمر بن سعد بذلك فقال لهم شبث بن ربعي : ثكلتكم اُمّهاتكم إنّما تقتلون أنفسكم بإيديكم وتذلّون أنفسكم لغيركم ، أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟ أما والذي اسلمت له لرب لموقف له قد رأيته في المسلمين كريم لرأيته يوم «سلق آذربايجان» قتل ستة من المشركين قبل أن تلتئم
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٢٣.