منهم على مصاب الحسين أخدناه بيده وأدخلناه الجنة ، يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامة إلّا عين بكت على مصاب الحسين عليهالسلام فإنّها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة (١).
وروي : أن فاطمة عليهاالسلام لما دنت منها الوفاة دعت ابنتها زينب ، فشمّتها من نحرها ، وقبلتها في صدرها ، وقالت لها : هذه وديعة لي عندك ، فإدا رأيت اخاك وحيداً فريداً شمّيه في نحره ، وقبّليه في صدره ، فإن نحره موضع سيف ابن ذي الجوشن وإنّ صدره موضع حوافر خيول بني أميه ، قال : فامتثلت الحوراء زينب ذلك ، ولما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين وحيداً فريداً ، أراد أن يودع العيال ويمضي إلى القتال ، أقبلت إليه اُمّ المصائب وقالت له اخي اكشف لي عن صدرك وعن نحرك ، فكشف له الحسين عليهالسلام عن صدره ، قلته في صدره وشمّته في نحره ، ثم وجّهت وجهها نحو المدينة صائحة : يا اماه قد إسترجعت الوديعة وأخذت الأمانة ، فتعجّب الحسين من كلامها فقال لها : أخية ومن الأمانة؟ قالت : اعلم يابن اُمّ لمّا دنت الوفاة من اُمّنا فاطمة ، قربتني اليها وشمّتني في نحري وقبّلتني في صدري ، وقالت لي : يا بنيّة هذه وديعة لي عندك ، فإذا رأيت أخاك الحسين وحيداً فريداً شميه في نحره وقبليه في صدره. قال الراوي : فلمّا سمع بذكر اُمّه بكى! وسمع مناد ينادي بين السماء والأرض : والولداه وا حسينا.
فالزهراء تبكي على ولدها ، بل وتحضر جميع المآتم كما روى : أن فضيل صنع مآتماً للحسين عليهالسلام ، ولم يخبر به إمامنا الصادق عليهالسلام ، فلمّا كان اليوم الثاني أقبل إلى الإمام روحي فداه ، فقال له : يا فضيل اين كنت البارحة؟ قال : سيدي شغل عاقني ، فقال : يا فضيل لا تخفي عليَّ ، أما صنعت مأتماً وأقمت بدارك عزاء في
_________________
(١) بحار الأنوار : ٤٤ / ٢٩٢ ـ الحديث (٣٧).