هو وبنوه واُخوته وبنو عمّه ، بعد بذل الأمان لهم والتوثقة بالإيمان المغلظة ، وهو الذي سنّ للعرب الإباء ، واقتدى به أبناء الزبير وبنو الملهب ، وغيرهم (١).
وقال ابن أبي الحديد أيضاً : سيد أهل الإباء ، الذي علّم الناس الحميه والموت تحت ظلال السيوف ، اختيارا له على الدنية ، أبو عبدالله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، عرض عليه الأمان وأصحابه ، فأنف من الذل وخاف من ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه لا يقتله ، فاختار الموت على ذلك ، قال : وسمعت النقيب أبا زيد يحيى ابن زيد العلوي البصري يقول كأبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطائي ما قيلت الى في الحسين عليهالسلام :
وقد كان فوت الموت سهلا فرده |
|
إليه الحفاظ المر والخلق والوعر |
ونفس تعافي الضيم حتى كأنه |
|
هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر |
فأثبت في مستنقع الموت رجله |
|
وقال لها من تحت أخمصك الحشر |
تردّى ثياب الموت حمراً فما أتى |
|
لها الليل إلّا وهي من سندس خضر |
وقال صاحب كشف الغمة : شجاعة الحسين يضرب بها المثل ، وصبره في الحرب أعجز الأواخر والأول ـ وأمّا سخاءه وجوده ، فإنّه كان يهب الألوف من الدنانير حتى عد من سادات أجواد العرب ، (٣).
روى «ابن عساكر» في تأريخه عن أبي هشام القناد أنّه كان يحمل إلى الحسين عليهالسلام بالمتاع من البصرة ، ولعلّه لا يقوم حتى يهب عامته ، ودخل عليهالسلام يوماً على اُسامة بن زيد وهو مريض فسمعه يقول : واغمّاه ، فقال له الحسين عليهالسلام : وما غمّك يا أخي؟ قال : ديني وهو ستون ألف درهم ؛ فقال الحسين عليهالسلام : هو عليَّ ، قال : إني
__________________
(١) و (٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
(٣) كشف الغمة في معرفة الأئمة : ٢ / ٢٠.