فقبل عبدالله ، فأخبر معاوية بذلك وجاء معاوية إلى ابنته وقال لها : إذا أتاك أبو الدرداء وأبو هريرة ليخطباك لعبدالله فقولي لهما : إن عبد الله كفؤ كريم ، وقريب حميم ، غير أنه تحت ارينب بنت إسحاق وأنا خائفة أن يعرض لي من الغيرة ما يعرض للنساء ، فأتولي منه ما أسخط الله فيه فيعذبني عليه ، ولست بفاعلة حتى يفارقها ، وإذا طلقها رضيت به بعلاً.
ثم إنّ أبي الدرداء وأبي هريرة جاءا إلى معاوية وقالا له : قد أخبرنا عبدالله وسر سروراً عظيماً ، فقال لهما معاوية ، أن ادخلا على إبنتي وكلماها في هذا الأمر ؛ فدخلا عليه ، وعرضا عليه ما ارتضاه لها أبوها ، فقالت لهما بالذي علمها أبوها ، فجاءا لمعاوية وأخبراه بذلك ، قال : أمضيا وأعلماه عبد الله ببغيتها ؛ فدخلا على عبد الله وأعلما ببغيتها قال : نعم إنّ زوجتي بنت اسحاق طالق ، فطلقها بشهادتهما فرجعا لمعاوية وأخبراه ، ولما بلغ لارينب الخبر اعدت بعدتها ، وبقي عبد الله باشام راجياً أن يزوجه معاوية ابنته وأن يجعله ولي عهده ، فصار معاوية بعد ذلك لا يعبأ به ولا يلتفت إليه.
ولما أن قضت عدت ارينب ، دعا معاوية أبي الدرداء وقال له : تمضى إلى المدينة خاطبا ارينب لولدي يزيد ، وليكن المهر حكمها بالغاً ما بلغ ؛ فسار أبو الدرداء حتى إذا وصل المدينة فقال في نفسه : والله لا ابتدأ بشيء قبل أن ازور قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فجاء ودخل مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فزار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثم خرج وقال في نفسه : لأمضين إلى زيارة سيدي ومولاي الحسين عليهالسلام ، فلمّا رآه رحب به وقال
__________________
عثمان فقالا : لنرى امراً شديداً.
وذكر نصر بن مزاحم أنّ أبا الدرداء رجع من صفين ولم يشهد القتال. انظر : الإمامة والسياسة لابن قتيبة ١ / ١٢٨ ، ووقعة صفين للمنقري : ١٩٠.