الدنيا ولا أظنه ينازعك في هذه الأمر.
والثالث عبد الله ابن الزبير ، فإنه يراوغك مراوغة الثعلب ، ويجثوا لك جثو الأسد ، فإن حاربك فحاربه ، وإن سالمك فسالمه ، وإن أشار عليك فاقبل مشاورته.
والرابع : الحسين بن علي بي أبي طالب ، يا بني فإنّ الناس لا يدعونه حتى يخرج عليك ، فإن ظفرت به فاحفظ قرابته من رسول الله ، واعلم يا بني أنّ أباه خير من أبيك ، وأنّ اُمّه خير من اُمّك ، وإن جدّه خير من جدّك ، وللمرء ما بقلبه ، وهذه وصيّتي إليك والسلام (١).
أقول : لو أمعنا النظر إلى هذه الوصيّة التى اوصا بها معاوية نغله لوجدناها في الحقيقة كما يقال : (كلمة حقّ يراد بها باطل) ، كأنه يريد أن يقول : لا يعزب عنك أنّ الحسين بن رسول الله وأبوه أمير المؤمنين واُمّه سيّدة نساء العالمين ، وهو حي يرزق ، والأبصار شاخصة له ، وله الأهلية للخلافة ، لشرفه وفضيلته ، فالناس لا يتركونه حتى يبايعون له ، ويخرج الأمر من يدك ، فإذا ظفرت به فاقتله.
لذا كتب الى الوليد كتاباً في أخذ البيعة له من الحسين وإن أبى فليكن رأس الحسين مع جواب الكتاب ، وبعدها كتب إلى ابن زياد في أمر الحسين عليهالسلام ، وكتب ابن زياد إلى قائد جيش الظلال وهو عمر ابن سعد : فإذا قتلت حسينا فأوطئ
__________________
فمدّ الحجاج اليه رجله ـ وكان نائماً ـ وقال له : إصفق على هذه ، وبعد هذا دسّ إليه الحجاج رجلاً من جنده فسم زجَّ رمحه والتقى معه في الطريق ، فزحمه وطعنه في ظهر قدمه بالزج المسموم ، فتورّمت قدمه وسرى السم في جسمه فمات. انظر ترجمة (عبدالله بن عمر) في : طبقات ابن سعد : ٤ / ١٠٥ ـ ١٣٨ ، تهذيب الأسماء : ١ / ٢٧٨ ، الأعلام : ٤ / ١٠٨
(١) ذكر الجاحظ في كتابه البيان والتبين وصيّة معاوية بتحريف ، منها : وأمّا الحسين فإني أرجو أن يكفيك الله بمن قتل أباه وخذل أخاه. انظر : البيان والتبين : ٢ / ١٠٦.