قال أرباب التأريخ : أمّا سبب قتله حجر بن عدي ، فإنّه كان المغيرة بن شعبة والي الكوفة من قبل معاوية ، فكان يلعن علي بن ابي طالب عليهالسلام في خطبته ، فيقوم له حجر بن عدي الكندي ويقول له : إنّ الفقراء محتاجون ، فلو قسمت مال المسلمين عليهم لكان خير من هذا ـ وغرضه أن يهيّج عليه ، حتى يمتنع من سب أمير المؤمنين عليهالسلام ـ فقيل له : لو ضربت عنقه فقد أهاج الناس عليك ، فقال : إنّه رجل صحابي وتابعي ، وما أحب أن ألقى الله بدمه ، وسيأتي غيري ، فيفعل معه مثل ما يفعل بي ، فيتولي قتله.
حتى إذا ولى المصرين زياد ابن أبيه ـ وهما الكوفة والبصرة ـ صار يلعن أمير المؤمنين عليهالسلام أمام خطبته ، فيقوم له حجر ويقول له مثل ما كان يقوله للمغيرة : قسم المال على الفقراء فإنّهم محتاجون ، ودع لعن علي بن أبي طالب.
فأمر زياد (لعنه الله) بقبضه ، فقبض ومعه ثلاثون رجلاً وبعثه إلى معاوية ، فلمّا وصلوا «مرج عذراء» (١) حبسا هناك ، فاُخبر معاوية بوصولهم ، فأمر معاوية بقتل حجر وبعض من كان معه وعفى عن الباقين لتشفع اقوامهم بهم ، فلمّا قدموا
__________________
وايضاً عن ابن عبد ربه ، وذلك في ارجوزته اللطيفة : ١٩ / البيت (٣٥).
انظر : الكامل للتأريخ لابن الأثير : ٣ / ٢٠٩ ، وتاريخ الطبري : ٦ / ١٥٧ ، والإستيعاب (بهامش الإصابة) : ١ / ١٣٤.
وفي خزانة الأدب للبغدادي نقله ايضاً ، وأضافة بعدها ما نصه : (وروي عن الشافعي أنه أسرّ إلى الربيع أن لا يقبل شهادة أربعة ، وهم : معاوية وعمرو ابن العاص والمغيرة وزياد). انظر خزانة الأدب للبغدادي : ٢ / ٥١٩.
(١) مرج عذراء : قرية بغوطة دمشق فتحها حجر بن عدي الكندي ، وقتل بها (رضوان الله عليه) ، وقبره بها وفيها يقول الشاعر :
وكم من قتيل يوم عذراء لم يكن |
|
لصاحبه في أوّل الدهر قاليا |
انظر معجم البلدان للحموي : ٤ / ٩١.