قال أهل السير : وأمر معاوية ان يأتيه من كل مصر وفد إليه ، فلما إن وفدت عليه الوفود قال للضحاك بن قيس الفهري : لما تجتمع الوفود عندي ، أتكلم فإذا سكت فكن أنت الذي تدعو الى بيعة يزيد ، وتحثّني عليها ، فلمّا جلس معاوية للناس ، وتكلم فعظّم الإسلام وحرمة الخلافة وحقّها ، وما أمر الله بها ، ثم ذكر يزيد وفضله وعلمه بالسياسة ، وعرض بيعته عليهم ، فقام الضحاك وقال : يا أمير المؤمنين انه لابد للناس من وال بعدك ، ويزيد ابن أمير المؤمنين في حسن هديه ، وقصد سيرته ، وهو من افضلنا علماً ، وحلماً ، فولّه عهدك ، واجعله علماً لنا بعدك ؛ قال :
وقام عمرو بن سعيد الأشدق وتكلّم بنحو من ذلك ؛ وقام يزيد بن المقفع العذري ، فقال : هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك فهذا ـ وأشار الى يزيد (لعنه الله) ـ ومن أبي فهذا ـ وأشار الى سيفه ـ ، فقال معاوية : إجلس فأنت سيد الخطباء.
وقال معاوية للأحنف بن قيس (١) : ما تقول يا أبا بحر؟ فقال : نخافكم إن صدقنا ، ونخاف الله إن كذبنا ، وأنت يا أمير أعلم بيزيد في ليله ونهاره ، وسره وعلانيته (٢).
وروى أبو جعفر الطبري ، قال :
بايع الناس ليزيد بن معاوية (لعنه الله) ، غير الحسين بن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وعبدالله الزبير ، وعبدالرحمن ابن أبي بكر (٣).
__________________
(١) هو أبو البحر : واسمه الضحاك ، قيل صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن مناة بن تيم التميمي السعدي ، والأحنف إنّما كان لقبه لأنّ برجليه حنف ـ اي اعوجاج رجليه ـ وكان مع أمير المؤمنين عليهالسلام في صفين وتوفي سنة (٦٧) ، انظر تاريخ من دفن في العراق من الصحابة : ١٣.
(٢) الكامل في التاريخ لأبن الأثير : ٣ / ٥٠٧.
(٣) في المصدر زيادة : وابن عباس ، انظر تاريخ الطبري : ٥ / ٣٠٣.