اغتاظ غيظاً شديداً ، وفي ذلك يقول معاتباً لها :
لئن كنت قد تابعتي دين محمّد |
|
وقطعت الأرحام منك حبالها |
فكوني على أعلى سحيق بهضبة |
|
ممنعة لا يستطاع قلالها |
فإنّي من قوم إذا جد جدّهم |
|
على أي حال أصبح القوم حالها |
وإني لأحمي من وراء عشيرتي |
|
إذا كثرت تحت العوالي مجالها |
وطارت بأيدي القوم بيض كأنّها |
|
مخاريق ولدان تنوش ظلالها |
وإن كلام المرء من غير كُنهِهِ |
|
لنَبل تهوي ليس فيها نصالها (١) |
وكانت قد ولدت له أربعة أولاد : أحدهم جعدة بن هبيرة ، وولدت له ثانياً فكنيت به ، وعمرو فكنى به أبوه ، ويوسف (٢) ، أمّا جعدة فإنّه ولد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليست له صحبة وقال العجلي ، إنه تابعي ، وقيل : بل هو من الصحابة. قال ابن أبي الحديد في «شرح النهج» : أدرك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأسلم يوم الفتح مع اُمه «اُم هاني» (٣).
وشهد جعدة مع أمير المؤمنين عليهالسلام صفين (٤) ، وأبلى بلاءاً حسناً ، ودعاه يومئذ عتبة فناداه : يا جعدة فاستأذن جعدة من أمير المؤمنين عليهالسلام في الخروج إليه ، فأذن له. واجتمع الناس لكلامهما ، فقال له عتبة : يا جعدة إنه والله ما اخرجك علينا إلا حبك لخالك وعمك ابن أبي سلمة عامل البحرين ، وإنا والله ما نزعم أنّ معاوية احق بالخلافة من علي [عليهالسلام] ، ولو لا أمره في عثمان ، ولكن معاوية احق بالشام لرضا أهلها به ، فاعفوا لنا عنها ، فوالله ما بالشام رجل به طرق إلّا هو إجدّ من
__________________
(١) الإستيعاب (بهامش الإصابة).
(٢) انظر شرح نهج البلاغة لابن الحديد : ١٠ / ٧٩.
(٣) انظر شرح نهج البلاغة لابن الحديد : ١٠ / ٧٧.
(٤) وقعة صفين للمنقري : ٤٦٣ ـ ٤٦٥.