معاوية في القتال ، ولا بالعراق من له مثل جدّ علي بن أبي طالب في الحرب ، ونحن أطوع لصاحبنا منكم لصاحبكم ، وما اقبح بعليٍّ أن يكون في قلوب المسلين أولى الناس بالناس ، حتى إذا أصاب سلطاناً أفنى العرب. فقال جعدة : أمّا حبّي لخالي فوالله لو كان لك خال مثله لنسيت أباك ، وأما ابن أبي سلمة فلم يصب أعظم من قدره ، والجهاد احبّ إليّ من العمل ، وأمّا فضل علي على معاوية فهذا ممّا لا يختلف عليه اثنان ، وأمّا رضاكم اليوم بالشام فقد رضيتم بها أمس فلم نقبل ، وأمّا قولك إنّه ليس بالشام من رجل إلّا وهو أجدُّ من معاوية وليس بالعراق لرجل مثل جدّ علي عليهالسلام فهكذا ينبغي أن يكون ، مضى بعلي يقينه وقصر بمعاوية شكّه ، وقصد أهل الحق خير من جهد أهل الباطل ، وأمّا قولك نحن اطوع لمعاوية منكم لعلي عليهالسلام فوالله ما نسأله ان سكت ولا نرد عليه إن قال ، وأمّا قتل العرب فإنّ الله كتب القتل والقتال فيمن قتله الحق فإلى الله ، فغضب عتبة وفحش على جعدة ، فلم يجبه جعدة وأعرض عنه وانصرفا جميعاً مغضبين ، فلمّا انصرف عتبة جمع خيله فلم يستبق «منها» شيئاً ، وجلّ اصحابة السّكون والصّدف والأزد ، ويهيأ جعدة بما استطاع فالتقيا ، وصبر القوم جميعاً ، وباشر جعدة يومئذ القتال بنفسه ، وجزع عتبة واسلم خيله وأسرع هارباً إلى معاوية ، فقال له معاوية : فضحك جعدة وهزمتك ، لا تغسل رأسك منها أبداً ، فقال عتبة : لا والله ، لا أعود إلى مثلها «أبداً» ، ولقد أعذرت وما كان على أصحابي من عتب ، ولكن أبى الله أن يديلنا منهم ، فما أصنع وحضّي بها جعدة عند علي ؛ فقال النجاشي فيما كان من شتم عتبة لجعدة وشعراً في ذلك اليوم :
إنّ شَتمَ الكَريم يا عُتبَ خَطبٌ |
|
فاعلَمنهُ من الخطوب عظيمُ |
اُمّه اُمّ هاني وأبوه |
|
مِن معدّ ومِن لَؤَيٍّ صميمُ |
ذاكَ منها هُبيرَةُ بن أبي وهب |
|
أقرَّت بِفَضلِه مخزومُ |