قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٥))
تفسير المفردات
ألم تر : استفهام لتعجيب النبي صلى الله عليه وسلم من حالهم ، والذين أوتوا نصيبا من الكتاب هم اليهود ، والنصيب : الحظ ، والكتاب : التوراة ، ليحكم بينهم : أي ليفصل بين اليهود والداعي لهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، والتولي : الإعراض بالبدن ، والإعراض يكون بالقلب ، والافتراء : الكذب ، واليوم : هو يوم الحساب والجزاء ، ما كسبت : أي ما عملت من خير أو شر.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر مقابح أعمال اليهود من توليهم عند الدعوة ، وقتلهم الأنبياء والآمرين بالقسط ، ليبين لرسوله أن إعراضهم عن دعوته ليس ببدع ولا غريب فيهم ، فذلك ديدنهم ودأبهم مع الأنبياء السالفين ، فلا تذهب نفسه
عليهم حسرات ، ولا يحزنه إعراضهم ـ انتقل إلى خطاب رسوله ذاكرا أعجب شأن من شئونهم في الدين لذلك العهد وهو أنهم لا يقبلون التحاكم إلى كتابهم ، وإذا دعوا إلى ذلك أعرضوا ، ثم أردفه ذكر سبب هذا وهو أنهم اغتروا باتصال نسبهم بالأنبياء ، وظنوا أن ذلك كاف في نجاتهم فأصبحوا لا يبالون بارتكابهم للمعاصى ولا باجتراح الآثام ، ثم رد عليهم بأن الجزاء على الأعمال لا على مقدار الأنساب رفعة وضعة.
أخرج ابن إسحاق عن ابن عباس قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدارس ـ مدرسة اليهود لدراسة التوراة ـ على جماعة من يهود ، فدعاهم إلى الله ،