(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥))
تفسير المفردات
الأسباط : الأحفاد واحدهم سبط وهم أبناء يعقوب الاثنا عشر وذراريهم ، وخصهم بالذكر لأن أهل الكتاب يعترفون بنبوتهم وكتبهم ، مسلمون : أي مستسلمون منقادون بالطاعة له فيما به أمر وعنه نهى ، والخسران : ذهاب رأس المال ، ويراد به هنا تضييع ما جبلت عليه الفطر السليمة من الانقياد الله وطاعته. والإيمان : لغة التصديق إما بالقلب كأن يقول إنسان شيئا فتعتقد صدقه ، وإما باللسان كأن تقول له صدقت.
والإسلام : الانقياد والخضوع ، وقد جعل لهما القرآن معنى خاصا ، فأطلق الإيمان على الإيمان بالله واليوم الآخر وإرسال الرسل مبشرين ومنذرين بحيث يكون لهذا التصديق سلطان على الإرادة والوجدان ، ويكون من ثمراته العمل الصالح الذي يصل بصاحبه إلى الفوز بالسعادة في الدنيا والآخرة ، وأطلق الإسلام على توحيد الله والإخلاص له في العبادة والانقياد لما أرشد إليه على ألسنة رسله.
والإيمان والإسلام بهذين المعنيين يتواردان على حقيقة واحدة يتناولها كل منهما بالاعتبار ، ومن ثم عدّا شيئا واحدا في هذه الآيات ، وبهما يكون الفوز بالنجاة فى الآخرة.
وأما ما جاء في قوله تعالى : «قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا ، قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ» فقد أريد بالإيمان المعنى اللغوي وهو الثقة واطمئنان القلب ، وهذا لم يحصل لهم بعد ، بدليل أنهم امتنّوا على الرسول