الإيضاح
(الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) أي إن الشيطان يخوّف المتصدقين الفقر ويغريهم بالبخل ، ويخيّل إليهم أن الإنفاق يذهب بالمال ، ولا بد من إمساكه والحرص عليه استعدادا لحاجات الزمان ، وسمى ذلك التخويف وعدا [والوعد هو الإخبار بما سيكون من جهة المخبر ، والشيطان لم يضف مجىء الفقر إليه] مبالغة فى الإخبار بتحقق وقوعه ، وكأن مجيئه بحسب إرادته وطوع مشيئته.
(وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً) أي إن الله وعدكم على لسان نبيكم ، وبما أودعه فى الفطر السليمة من حب الخير والرغبة في البر ـ مغفرة لكثير من خطاياكم ، وخلفا فى الدنيا من جاه عريض ، وصيت حسن بين الناس ، ومال أزيد مما أنفق ، كما يرشد إلى ذلك قوله تعالى : «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ». روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ما من يوم يصبح فيه العباد إلا ملكان ينزلان ، يقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا» ومعنى الدعاء للمنفق بالخلف أن يسهل له أسباب الرزق ، ويرفع شأنه عند الناس ، والبخيل محروم من مثل هذا. ومعنى الدعاء على الممسك بالتلف أن يذهب ماله حيث لا يفيده.
(وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) أي إن الله واسع الرحمة والفضل ، فيحقق ما وعدكم به من المغفرة وإخلاف ما تنفقون ، وهو عليم بما تنفقون ، فلا يضيع أجركم ، بل يجازيكم أحسن الجزاء
(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) أي إنه تعالى يعطى الحكمة والعلم النافع المصرّف للإرادة لمن يشاء من عباده ، فيميز به الحقائق من الأوهام ، ويسهل عليه التفرقة بين الوسواس والإلهام
وآلة الحكمة العقل المستقل بالحكم في إدراك الأشياء بأدلتها ، وفهم الأمور