فأسند إلى الفؤاد : أي القلب أو النفس أعمالا خاصة به ، كما أسند الباقي إلى السمع والبصر.
ومن آثام القلب سوء القصد وفساد النية والحسد.
والآية ترشد إلى أن الإنسان يعاقب على ترك المعروف كما يعاقب على فعل المنكر ، لأن الترك في الشهادة بكتمانها فعل للنفس تترتب عليه آثار تضرّ غيرها.
وكل من الكتابة والاستشهاد شرع للاستيثاق بين الدائن والمدين ، والكتابة أقوى من الشهادة ، والشهادة عون لها ، فالدائن يستوثق لماله فيأمن من إنكاره كله أو بعضه ، والمدين يستوثق لما عليه فلا يخاف أن يزاد فيه ، والشاهد يستوثق بشهادته فإذا شك أو نسى رجع إلى الكتاب فتذكّر واطمأن قلبه كما قال : «ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا».
للكتابة الفضل الأكبر في حفظ الحقوق حين موت الشهيدين أو أحدهما ، لأنه لا حافظ لها حينئذ إلا هى ، فهى التي يرجع إليها ويعمل بها.
(لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٨٤))
المعنى الجملي
جاءت هذه الآية متممة لقوله : «وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ودليل عليه ، لأن كل شىء هوله ، وهو خالقه فهو العليم به ، ونحو الآية قوله : «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ».
وإذا كان كل شىء في السموات والأرض له ، فهو يعاقب من كتم الشهادة ، لأنه قد أتى إثما وارتكب جرما ، ثم زاد هذا المعنى توكيدا بما يعده من قوله :