من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم.
وقال عكرمة : هم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد في اثنى عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش ، ثم كتبوا إلى أهلهم : هل لنا من توبة؟ فنزلت الآية فيهم ، وأكثر الروايات على هذا.
الإيضاح
(كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ؟) أي كيف يسلك الله بمثل هؤلاء سبيل المهتدين بإثابتهم والثناء عليهم ، وقد كفروا بعد إيمانهم ، وبعد أن شهدوا أن الرسول حق وجاءتهم الشواهد من القرآن وسائر المعجزات التي بمثلها تثبت النبوة؟
وشهادتهم أن الرسول حق كانت بمعرفتهم بشارات الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وكانوا عازمين على اتباعه إذا جاء في زمنهم وانطبقت عليه العلامات وظهرت فيه البشارات ، لكنهم بعد أن جاءهم بالبينات وظهرت الآيات على يديه كفروا به وعاندوه.
وفي الآية استبعاد لهدايتهم بحسب سنن الله تعالى في البشر ، وإيئاس للنبى صلى الله عليه وسلم من إيمانهم ، فمن سنن الله تعالى في هداية البشر إلى الحق أن يقيم لهم الدلائل والبينات مع إزالة الموانع من النظر فيها على الوجه الذي يؤدى إلى المطلوب ، وقد مكن لهم الله من كل هذا من قبل ، ومن ثم آمنوا به.
(وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن الله لا يهدى أمثال هؤلاء الظالمين لأنفسهم الجانين عليها لأنهم تنكّبوا عن الطريق القويم ؛ وتركوا هداية العقل بعد أن ظهر نور النبوة وعرفوه بالبينات.
(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي هؤلاء