كله بالفعل دفعة واحدة ، واستعمل أفعال الاستجابة فى المواضع المفيدة لحصول المسئول بالتهيؤ والاستعداد كقوله : «الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ» إذ الآية نزلت فى وقعة حمراء الأسد بعد وقعة أحد فالمرد أنهم تهيئوا للقتال ، أو المفيدة للدلالة على حدوث الفعل بالتدريج كاستجابة دعوة الدين التي تبدأ بالنطق بالشهادتين ثم بباقي أعماله بالتدريج.
والاستجابة من الله يعبر بها فى الأمور التي تقع فى المستقبل ويكون من شأنها أن تقع بالتدريج كاستجابة الدعاء بالوقاية من النار بالمغفرة وتكفير السيئات وإيتاء ما وعد به المؤمنين فى الآخرة كما قال «فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ» الآية.
والسمع والسماع : يطلق على إدراك الصوت ، وعلى فهم ما يسمع من الكلام وهو ثمرة السمع ، وعلى قبول ما يفهم والعمل به وهذا ثمرة الثمرة ، والمراد بالموتى هنا : الكفار الراسخون فى الكفر المطبوع على قلوبهم الميئوس من سماعهم سماع تدبر تتبعه الاستجابة للداعى. والبعث : لغة إنارة الشيء وتوجيهه يقال بعثت البعير أي أثرته من مبركه وسيّرته إلى المرعى ونحوه ، ولو لا : كلمة تفيد الحث على حصول ما بعدها ، والآية لمعجزة المخالفة لسنن الله فى خلقه.
المعنى الجملي
بعد أن أبان سبحانه فى الآية السابقة أنه لو شاء لجمع الناس على الهدى ، ولكنه لم يشأ أن يجعل البشر مفطورين على ذلك ، ولا أن يلجئهم إلجاء بالآيات التي تقسرهم على ذلك ، بل اقتضت حكمته أن يكون البشر متفاوتين فى الاستعداد مختارين فى تصرفاتهم وأعمالهم ، ومنهم من يختار الهدى على الضلال ، ومنهم من يستجب العمى على الهدى.
ذكر هنا أن الأولين هم الذين ينظرون فى الآيات ويفقهون ما يسمعون من الحجج والبينات ، وأن الآخرين لا يفقهون ولا يسمعون ، فهم والأموات سواء.