الإيضاح
(إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) أي إنما يستجيب لله ولرسوله الذين يسمعون كلام الله سماع فهم وتدبر فيعقلون الآيات ويذعنون لما عرفوا بها من الحق ، لسلامة فطرتهم وصفاء نفوسهم وطهارة قلوبهم ، دون الذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ؛ كالمقلدين الذين لا يفكرون فى الأشياء بعقولهم ، ودون الذين قالوا سمعنا وعصينا من المستكبرين الجاحدين ، فهؤلاء وهؤلاء من موتى القلوب وأبعد الناس عن الانتفاع بما يسمعون.
(وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) أي والذين لا ترجى استجابتهم لأنهم كالموتى لا يسمعون السماع النافع ، يترك أمرهم إلى الله فهو الذي يبعثهم بعد موتهم ، ويرسلهم إلى موقف الحساب فينالون ما يستحقون على كفرهم وسىء أعمالهم ، فلا تبخع نفسك عليهم حسرات ، إذ ليس فى استطاعتك هدايتهم ولا إرجاعهم إلى محجة الرشاد.
ثم ذكر شيئا من عنادهم الدال على عظيم جحودهم فقال :
(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) أي وقال الظالمون لأنفسهم الذين يجحدون بآيات ربهم ويعاندون رسوله إليهم : هلا أنزل عليه آية من ربه من الآيات التي اقترحناها عليه وجعلناها شرطا لإيماننا به.
(قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي قل لهم أيها الرسول إن الله تعالى قادر على تنزيل آية مما اقترحوا إذا اقتضت الحكمة تنزيلها ، لا ما تتعلق شهواتهم بتعجيز الرسول بطلبها ، فقد مضت سنة الله بأن إجابة المعاندين إلى ما اقترحوا لم تكن سببا للهداية فى أمة من الأمم ، بل كانت سببا فى عقاب المعاجزين للرسل بعذاب الاستئصال ، وتنزيل الآية لا يكون خيرا لهم بل هو شر لهم ولكن أكثرهم لا يعلمون شيئا من حكم الله تعالى فى أفعاله ولا من سنته فى خلقه.
والخلاصة ـ إن طلبهم للآية أو الآيات مع وجود هذه الآيات البينات إنما هو محاولة تعجيز الرسول لا أنه هو الدليل الذي يوصلهم إلى صدقه.