يرشد إلى ذلك قوله تعالى : «وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ» وقوله : «وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ».
(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩))
تفسير المفردات
الدابة : كل ما يدب على الأرض من الحيوان ، والدبّ والذبيب المشي الخفيف والطائر : كل ذى جناح يسبح فى الهواء وجمعه طير كراكب وركب ، والأمم واحدها أمة : وهى كل جماعة يجمعهم أمر كدين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد أو صفات وأفعال واحدة ، والتفريط فى الأمر التقصير فيه وتضييعه حتى يفوت ، يقال فرّطه وفرّط فيه ، والكتاب هنا : هو اللوح المحفوظ. وقيل القرآن ، والحشر : الجمع والسّوق :
المعنى الجملي
بعد أن أبان سبحانه فيما سلف أنه قادر أن ينزل الآيات إذا رأى من الحكمة والمصلحة إنزالها ، ولا ينزلها للتشهى والهوى كما يراه المقترحون من أولئك الضالين المكذبين ـ ذكر ما هو كالدليل على ذلك ، فأرشد إلى عموم قدرته تعالى وشمول علمه وتدبيره ، وأن كل ما يدب على وجه الأرض أو يطير فى الهواء فهو مشمول بفضله ورحمته ، فلو كان فى إظهار هذه المعجزات مصلحة للمكلفين لفعلها ، ولا متنع أن يبخل بها ، إذ أنكم ترون أنه لم يبخل على شىء من الحيوان بمنافعها ومصالحها.