هذا إنما هو اتباع للأهواء فيما هو قبيح تنفر منه الطباع السليمة ، وتستنقصه العقول الراجحة الحكيمة.
وبعد أن أنكر عليهم أن يكونوا على علم بأمر الله فيما فعلوا ـ بين ما يأمر به من محاسن الأعمال ومكارم الأخلاق والخصال بقوله لرسوله :
(قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) أي قل لهم : إنما أمرنى ربى بالاستقامة والعدل فى الأمور كلها.
(وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي وقل لهم : أمرنى ربى بالقسط ، فأقسطوا وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد ، أي أعطوا توجهكم إلى الله تعالى حقه من صحة النية وحضور القلب وصرف الشواغل عند كل مسجد تعبدونه فيه ، سواء كانت العبادة طوافا أو صلاة أو ذكرا ، وادعوه وحده مخلصين له الدين ، ولا تتوجهوا إلى غيره من عباده المكرمين كالملائكة والأنبياء والصالحين زعما منكم أنهم يشفعون لكم عند ربكم ويقربونكم إليه زلفى ، وقد جعلتم هذا من الدين افتراء على الله وقولا عليه بغير علم.
وبعد أن أبان أصل الدين ومناط الأمر والنهى فيه ـ ذكرنا بالبعث والجزاء على الأعمال فقال :
(كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ. فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ) أي كما بدأكم ربكم خلقا وتكوينا بقدرته تعودون إليه يوم القيامة وأنتم فريقان :
(١) فريق هداه الله فى الدنيا ببعثة الرسل فاهتدى بهديهم وأقام وجهه له وحده فى العبادة ودعاه مخلصا له الدين لا يترك به أحدا.
(٢) فريق حق عليهم الضلالة لاتباعهم إغواء الشيطان وإعراضهم عن طاعة بارئهم.
وكل فريق يموت على ما عاش عليه ويبعث على ما مات عليه ، وإنما حقت على