المعنى الجملي
بعد أن ذكر فى الآية السابقة عاقبة المكذبين بآياته المستكبرين عن قبولها والإذعان لها ـ ذكر هنا أن من أشدهم ظلما من يتقولون على الله الكذب ، فينسبون إليه ما لم يقله ـ كمن يثبت الشريك لله سواء كان صنما أو كوكبا ، أو يضيف إليه أحكاما باطله ، أو يكذّب ما قاله كمن ينكر أن القرآن نزل من عند الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
الإيضاح
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) أي لا أحد أظلم ممن افترى الكذب على الله بأن أوجب على عباده من العبادات ما لم يوجبه ، أو حرم عليهم من الدين ما لم يحرمه ، أو عزا إلى دينه أحكاما لم تنزل على رسله.
(أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) المنزلة عليهم سواء أكان بالقول أو بما هو أدل منه كالاستهزاء بها أو الاستكبار عن اتباعها أو بتفضيل غيرها عليها بالعمل بها.
(أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) المراد بالنصيب هنا ما قدر لهم من خير أو شر وسعادة أو شقاء ، والمراد من الكتاب كتاب المقادير الذي كتب الله فيه نظام العالم كله ، ومنها أعمال الاحياء الاختيارية وما يبعث عليها من الأسباب والدواعي وما يترتب عليها من المسببات كالسعادة والشقاء والصحة والمرض إلى نحو ذلك.
والمعنى ـ إن هؤلاء المفترين يصيبهم نصيبهم مما كتب لهم وقدر من الأرزاق والآجال ، فهم مع ظلمهم وافترائهم على الله لا يحرمون مما قدر لهم إلى انقضاء آجالهم. ونحو الآية قوله تعالى : «كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ» وقوله : «نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ».