(حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ) الرسل هنا هم الملائكة الموكلون بالتوفى أي قبض الأرواح من الأجساد ، أي إنهم ينالهم نصيبهم الذي كتب لهم مدة حياتهم حتى إذا ما انتهى بانتهاء آجالهم وجاءتهم رسلنا يقبضون أرواحهم.
(قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ؟) أي سألهم رسل الموت حين التوفى على سبيل الزجر والتوبيخ : أين الشركاء الذين كنتم تعبدونهم فى الدنيا من دون الله لقضاء الحاجات ودفع المضرات؟ فلتدعوهم لينجوكم مما أنتم فيه من شدة وعذاب.
(قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) ضلو : أي غابوا وذهبوا ، لا ندرى أين مكانهم ، أي غابوا عنا فلا نرجو منهم النفع ولا دفع الضر.
(وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) أي واعترفوا على أنفسهم بأنهم كانوا بدعائهم إياهم وعبادتهم لهم كافرين ، إذ هم قد زعموا أنهم عنده تعالى كأعوان الأمراء والسلاطين ، وحاش لله أن يتخذ الأعوان والمساعدين ، فالله غنى بعلمه المحيط وقدرته الكاملة عن أن يحتاج إلى الأعوان ، فإنما يحتاج إليها من يجهل أمور الناس ويعجز عن معرفة أحوالهم.
وخلاصة هذا ـ زجر الكافرين عما هم عليه من الكفر وحملهم على النظر والتأمل فى عواقب أمورهم ، والتحذير من التقليد الذي سيرديهم فى الهاوية.
(قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ) أي تقول ملائكته بأمره يوم القيامة لهؤلاء الكافرين : ادخلوا بين أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس ، أي أمم تقدم زمانهم على زمانكم.
وفى هذا إيماء إلى أنه تعالى لا يسوق الكفار بأجمعهم إلى النار دفعة واحدة ، بل يدخلهم فوجا فيكون منهم سابق ومسبوق ، ويشاهد الداخل من الأمة فى النار من سبقه.
(كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها) أي كلما دخلت جماعة منهم فى النار ورأت ما حل