إليه زلفى ، وشاء أن نحرم ما حرمنا من البحائر والسوائب وغيرها فحرمناها ، فإتياننا إياها دليل على مشيئته تعالى وعلى رضاه وأمره بها.
ونحو الآية قوله : «وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» وقوله : «وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ»
وقد رد عليهم شبهتهم فقال :
(كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) أي ومثل ذلك التكذيب الذي صدر من مشركى مكة لرسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من إبطال الشرك وإثبات توحيد الله فى الألوهية والربوبية ، ومنها حق التشريع والتحليل والتحريم ـ كذب الذين من قبلهم لرسلهم تكذيبا غير مبنى على أساس من العلم.
والرسل صلوات الله عليهم قد أقاموا الحجج والبراهين العلمية والعقلية على التوحيد وغيره مما ادعوا ، وأيدهم الله بباهر الآيات ، ولكن المكذبين لم ينظروا فيها نظرة إنصاف ، بل أعرضوا عنها وأصرّوا على جحودهم وعنادهم حتى ذاقوا بأسه تعالى وأهلكهم بذنوبهم وصاروا كأمس الدابر.
ولو كانت مشيئة الله لما كانوا عليه من الشرك تتضمن رضاه عن فاعلها وأمره بها لما عاقبهم عليها تصديقا لما قال الرسل ، كذلك لو كانت أعمالهم بالجبر المخرج لها عن كونها من أعمالهم ، لما استحقوا العقاب عليها ، ولما قال إنه أخذهم بذنوبهم ، وأهلكهم بظلمهم وكفرهم ونحو ذلك مما جاء فى كثير من الآيات.
فقوله : (حَتَّى ذاقُوا بَأْسَنا) برهان دالّ على صدق الرسل فى دعواهم وبطلان شبهات المشركين المكذبين لهم.
وبعد أن ذكرهم بالبرهان الواضح أمر رسوله أن يطالبهم بدليل يثبت ما يزعمون فقال :