وقد جاء فى معنى الآية قوله : «وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ» وقوله : «هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ».
(٢) الشفاء لما فى القلوب من أدواء الشرك والنفاق وسائر الأمراض التي يشعر من أحبّها بضيق الصدر كالشك فى الإيمان والبغي والعدوان وحب الظلم وبغض الحق والخير.
(٣) الهدى إلى طريق الحق واليقين والبعد من الضلال فى الاعتقاد والعمل.
(٤) الرحمة للمؤمنين وهى ما تثمر لهم هداية القرآن وتفيضه على قلوبهم ، ومن آثارها بذل المعروف وإغاثة الملهوف وكف الظلم ومنع التعدي والبغي.
وإجمال ذلك ـ إن موعظة القرآن وشفاءه لما فى الصدور من أمراض الكفر والنفاق وجميع الرذائل وهداه إلى الحق والفضائل موجّهات إلى أمة الدعوة وهم جميع الناس ، والمؤمنون قد اختصّوا بما تثمره هذه الصفات الثلاث من الرحمة لأنهم هم الذين ينتفعون بها.
ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ المؤمنين بأنه يحق لهم أن يفرحوا بفضل الله عليهم بنعمة الإيمان وبالرحمة الخاصة بهم الجامعة لكل ما ذكر قبلها من مقاصد الشريعة فقال :
(قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) أي قل لهم ليفرحوا بفضل الله وبرحمته أي إن كان شىء فى الدنيا يستحق أن يفرح به فهو فضل الله ورحمته.
روى ابن مردويه وأبو الشيخ عن أنس مرفوعا «فضل الله القرآن ، ورحمته أن جعلكم من أهله».
وعن الحسن والضحاك وقتادة ومجاهد «فضل الله الإيمان ، ورحمته القرآن».
(هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي إن الفرح بهما أفضل وأنفع مما يجمعونه من الذهب والفضة والأنعام والحرث والخيل المسومة وسائر خيرات الدنيا ، لأنه هو سبب السعادة فى الدارين. وتلك سبب السعادة فى الدنيا الزائلة فحسب. فقد نال المسلمون فى العصور