الآيات الكونية كآيات موسى عليه السلام التي اقترحوا مثلها عليك ، والآيات المنزلة عليك كآيات القرآن العقلية الدالة بإعجازها على أنها من عند الله وعلى حقّية ما تدعوهم إليه وتنذرهم به ، حتى يروا العذاب الأليم بأعينهم ويذوقوه حين ينزل بهم ، فيكون إيمانهم اضطرارا لا اختيارا منهم ، فلا يترتب عليه عمل منهم يطهرهم ويزكيهم ويقال لهم إذ ذاك «آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ».
(فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (٩٨) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠))
تفسير المفردات
لولا : كلمة تفيد التحضيض والتوبيخ كهلا ، والمراد بالقرية أهلها وهو كثير الاستعمال بهذا المعنى ، والخزي : الذل والهوان ، والحين : مدة من الزمن والمراد بها العمر الطبيعي الذي يعيشه كل شخص ، والإذن بالشيء : الإعلام بإجازته والرخصة فيه ورفع الحجر عنه والرجس : لغة الشيء القبيح المستقذر ، والمراد به هنا العذاب.
المعنى الجملي
هذه الآيات الثلاث تكملة لما قبلها ، وبيان لسنن الله تعالى فى الأمم مع رسلهم ، وفى خلق البشر مستعدين للإيمان والكفر والخير والشر ، وفى تعلق مشيئة الله وحكمته بأفعاله وأفعال عباده ووقوعها وفقهما ، فبعد أن بين أن الذين حقت عليهم كلمة