وحدهم الدائرة السوءى تحيط بهم دون المؤمنين الذين يتربصونها بهم وليس ؛ للمؤمنين عاقبة إلا ما يسرهم من نصر الله وتوفيقه لهم ، وما يسوء أعداءهم من خذلان وخيبة وتعذيب لهم فى الدنيا قبل الآخرة.
(وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي والله سميع لما يقولونه مما يعبر عن شعورهم واعتقادهم فى نفقاتهم إذ تحدثوا بذلك فيما بينهم ، عليم بما يضمرونه فى سرائرهم ، وسيحاسبهم على ما يسمع ويعلم من قول وفعل ويجزيهم به.
وبعد أن بيّن حال المنافقين من الأعراب ـ ذكر حال المؤمنين الصادقين منهم فقال : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي ومن الأعراب من يؤمن بالله ويثبت له القدرة وكمال التصرف فى الكون ، واليوم الآخر الذي تجازى فيه كل نفس بما كسبت ، قال مجاهد : هم بنو مقرّن من مزينة ، وهم الذين قال الله فيهم «وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ».
(وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) أي ويتخذ ما ينفقه وسيلة لأمرين :
(١) القربات والزلفى عند الله تعالى جدّه.
(٢) صلوات الرسول أي أدعيته ، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للمتصدقين ويستغفر لهم ، ولم يجىء فى نصوص الدين انتفاع أحد بعمل غيره إلا الدعاء وما يكون المرء سببا فيه كالولد الصالح والسنة الحسنة يتّبع فيها.
وسميت الصلوات الشرعية بهذا الاسم من قبل أن الدعاء وهو المعنى اللغوي لها هو روحها ومخها وسرها الذي به تتحقق العبودية على أتمّ وجوهها.
وقد بين الله جزاءهم على ما انطوت عليه نفوسهم من صدق الإيمان وإخلاص النية فى الإنفاق فى سبيل الله فأخبر بقبول نفقتهم وإثابتهم عليها فقال :
(أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) أي ألا إن تلك النفقة التي اتخذت قد تقبلها الله وأثاب عليها بما وعد به فى قوله :