عليه وسلم فاقبلوا حكمها فى أنه رسول حقا من عند الله ، ثم أعقب هذا ببيان أن من آمنوا بالله وعملوا صالحا لا يخافون مكروها ، ولا يحزنون لفوات محبوب ، وأولئك هم أهل الجنة ، جزاء ما عملوا من عمل صالح ، وما أخبتوا لربهم ، وانقادوا لأمره ونهيه.
الإيضاح
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) أي قل لهم : أخبرونى إن ثبت أن القرآن من عند الله لعجز الخلق عن معارضته ، لا أنه سحر ولا مفترى كما تزعمون ، ثم كذبتم به وشهد أعلم بنى إسرائيل بكونه من عند الله فآمن واستكبرتم ـ أفلستم تكونون أضل الناس وأظلمهم؟.
والخلاصة ـ أخبرونى إن اجتمع كون القرآن من عند الله مع كفركم به ، وشهادة منصف من بنى إسرائيل عارف بالتوراة على مثل ما قلت فآمن به مع استكباركم ـ أفلا تكونون ظالمين لأنفسكم؟
وهذا الشاهد هو عبد الله بن سلام ـ فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن سعد بن أبى وقاص قال : «ما سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول لأحد يمشى على وجه الأرض : إنه من أهل لجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه ، نزلت : (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ)».
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن سلام قال : نزل فىّ آيات من كتاب الله ، نزلت فىّ (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ) ونزل فىّ : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ).
ثم ذكر أن فى استكبارهم عن الإيمان ظلما لأنفسهم وكفرا بآيات ربهم فقال :
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن الله لا يوفق لإصابة الحق وهدى الصراط المستقيم من ظلموا أنفسهم باستحقاقهم سخط الله لكفرهم به بعد قيام الحجة الظاهرة عليهم.