قال قتادة : كما تكره إن وجدت جيفة ممدودة أن تأكل منها ، كذلك فاكره لحم أخيك وهو حىّ.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) أي يا أيها الذين آمنوا ابتعدوا عن كثير من الظن بالمؤمنين ، بأن تظنوا بهم السوء ما وجدتم إلى ذلك سبيلا ، ففى الحديث «إن الله حرم من المسلم دمه وعرضه ، وأن يظن به ظن السوء».
ولا يحرم سوء الظن إلا ممن شوهد منه الستر والصلاح ، وأونست منه الأمانة ، أما من يجاهر بالفجور كمن يدخل إلى الخانات أو يصاحب الغواني الفواجر فلا يحرم سوء الظن به.
أخرج البيهقي فى شعب الإيمان عن سعيد بن المسيّب قال : كتب إلىّ بعض إخوانى من أصحاب رسول صلّى الله عليه وسلم. أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك ، ولا تظننّ بكلمة خرجت من امرئ مسلم شرا وأنت تجد لها فى الخير محملا ، ومن عرّض نفسه للتهم فلا يلومنّ إلا نفسه ، ومن كتم سرّه كانت الخيرة فى يده ، وما كافأت من عصى الله تعالى فيك بمثل أن تطيع الله فيه ، وعليك بإخوان الصدق فكن فى اكتسابهم ، فإنهم زينة فى الرخاء ، وعدّة عند عظيم البلاء ، ولا تتهاون بالحلف فيهينك الله تعالى ، ولا تسألن عما لم يكن حتى يكون ، ولا تضع حديثك إلا عند من تشتهيه ، وعليك بالصدق وإن قتلك ، واعتزل عدوك ، واحذر صديقك إلا الأمين ، ولا أمين إلا من خشى الله ، وشاور فى أمرك الذين يخشون ربهم بالغيب.
ثم علل الأمر باجتناب كثير من الظن بقوله :
(إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) أي إن ظن المؤمن بالمؤمن الشرّ إثم ، لأن الله قد نهاه عنه ففعله إثم. ونحو الآية قوله : «وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً».