المعنى الجملي
بعد أن ذكر فى أول السورة ما يدل على وجود الإله القادر الحكيم ، وأبطل قول عبدة الأصنام ، ثم ثنى بإثبات النبوة وذكر شبهاتهم فى الطعن فيها وأجاب عنها ـ أردف ذلك إثبات البعث وأقام الدليل عليه ، فذكر أن من خلق السموات والأرض على عظمهن فهو قادر على أن يحيى الموتى ، ثم أعقب هذا بما يجرى مجرى العظة والنصيحة لرسوله صلّى الله عليه وسلّم بالصبر على أذى قومه كما صبر من قبله أولو العزم من الرسل ، وبعدم استعجال العذاب لهم ، فإنه نازل بهم لا محالة وإن تأخر ، وحين نزوله بهم سيستقصرون مدة لبثهم فى الدنيا حتى يحسبونها ساعة من نهار لهول ما عاينوا ، ثم ختم السورة بأن فى هذه العظات كفاية أيّما كفاية ، وما يهلك إلا من خرج عن طاعة ربه ، ولم ينقد لأمره ونهيه.
الإيضاح
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى؟) أي أولم ينظر هؤلاء المنكرون إحياء الخلق بعد وفاتهم ، وبعثه إياهم من قبورهم بعد بلاهم ، فيعلموا أن الذي خلق السموات والسبع والأرض فابتدعهن من غير شىء ، ولم يعى فى إنشائهن ـ بقادر على أن يحيى الموتى فيخرجهم من بعد بلاهم فى قبورهم أحياء كهيئتهم قبل وفاتهم؟.
ونحو الآية قوله عز وجل : «لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ».
والخلاصة ـ إن من قال للسموات والأرض كونى فكانت لا ممانعة ولا مخالفة ، طائعة خائفة وجلة ـ أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى؟