ثم أجاب عن ذلك مقرّرا للقدرة على وجه عام يكون كالبرهان على المقصود فقال :
(بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي بلى إن الذي خلق ذلك ـ ذو قدرة على كل شىء أراد خلقه ، ولا يعجزه شىء أراد فعله.
وقد أجاب سبحانه عن هذا السؤال ؛ لوضوح الجواب إذ لا يختلف فيه أحد ، ولا يعارض فيه ذو لبّ.
ولما أثبت البعث بما أقام من الأدلة ذكر ما يحدث حينئذ من الأهوال فقال :
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ؟ قالُوا بَلى وَرَبِّنا) أي ويوم يعرض هؤلاء المكذبون بالبعث وبثواب الله لعباده على أعمالهم الصالحة ، وعقابه إياهم على أعمالهم السيئة ـ على نار جهنم يقال لهم على سبيل التأنيب والتوبيخ : أليس هذا العذاب الذي تعذّبونه اليوم وقد كنتم تكذبون به فى الدنيا ـ بالحق الذي لا شك فيه؟ قالوا من فورهم : بلى وربنا إنه لحق.
(قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي قال آمرا لهم على طريق الإهانة والتوبيخ : ذوقوا عذاب النار الآن جزاء جحودكم به فى الدنيا ، وإبائكم الاعتراف به إذا دعيتم للتصديق به.
ولما قرر التوحيد والنبوة والبعث وأجاب عن شبهاتهم ـ أردف ذلك ما يجرى مجرى العظة والنصيحة لنبيّه ، لأن الكفار كانوا يؤذونه ويوغرون صدره فقال :
(فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أي فاصبر أيها الرسول على ما أصابك فى الله من أذى مكذبيك من قومك الذين أرسلناك إليهم منذرا ، كما صبر أولو العزم من الرسل على القيام بأمر الله والانتهاء إلى طاعته.
والخلاصة ـ اصبر على الدعوة إلى الحق ومكابدة الشدائد كما صبر إخوانك الرسل من قبلك.
وعن عائشة قالت : ظلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صائما ثم طوى ، ثم ظلّ صائما ثم طوى ، ثم ظل صائما قال يا عائشة : «إن الدنيا لا تنبغى لمحمد ولا لآل محمد ،