ثم ذكر الأعذار المبيحة للتخلف عن الجهاد ، ومنها ما هو لازم كالعمى والعرج ، ومنها ما هو عارض يطرأ ويزول كالمرض ، ثم أعقب ذلك بالترغيب فى الجهاد والوعيد بالعذاب الأليم من مذلة فى الدنيا ، ونار موقدة فى الآخرة لمن نكل عنه وأقبل على الدنيا ، وترك ما يقرّ به من ربه.
الإيضاح
(قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) أي قل لهؤلاء المخلفين الذين تقدم ذكرهم ـ إنكم ستندبون إلى قتال قوم من أولى البأس والنجدة ، فعليكم أن تخيّروهم بين أمرين : إما السيف ، وإما الإسلام. وهذا حكم عام فى مشركى العرب والمرتدين يجب اتباعه.
ثم وعدهم إذا أجابوا بقوله :
(فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللهُ أَجْراً حَسَناً) أي فإن تستجيبوا وتنفروا للجهاد وتؤدوا ما طلب منكم أداؤه – يؤتكم ربكم الأجر الحسن ، والثواب الجزيل ، فتنالوا المغانم فى الدنيا ، وتدخلوا الجنة فى الآخرة.
كما أوعد من نكص على عقبه بقوله :
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي وإن تعصوا ربكم فتدبروا عن طاعته ، وتخالفوا أمره ، فتتركوا قتال أولى النجدة والبأس إذا دعيتم إلى قتالهم ، كما عصيتموه فى أمره إياكم بالمسير مع رسوله صلّى الله عليه وسلّم إلى مكة يعذبكم العذاب الأليم بالمذلة فى الدنيا ، والنار فى الآخرة.
ثم ذكر الأعذار المبيحة للتخلف عن القتال فقال :
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ ، وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) أي لا إثم على ذوى الأعذار إذا تخلفوا عن الجهاد وشهود الحرب مع المؤمنين إذا هم لقوا عدوهم للعلل التي بهم ، والأسباب التي تمنعهم من شهودها كالعمى والعرج والمرض