أو قوى ؛ إذ لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء ، وأنه لا ينبغى للمؤمن أن يمتنّ على الرسول بإيمانه ، بل من حق الرسول أن يمتنّ عليه بأن وفّق للهداية على يديه إن كان صادق الإيمان. ثم ختم الآيات بالإخبار عن واسع علمه ، وإحاطته بمكنون سرّ خلقه فى السموات والأرض لا يعزب عنه مثقال ذرة فيهما ، وهو البصير بما يعمل عباده من خير أو شر ، قال مجاهد : نزلت فى أعراب من بنى أسد بن خزيمة (وكانوا يجاورون المدينة) قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين حقّا.
وقال السّدّىّ : نزلت فى الأعراب المذكورين فى سورة الفتح : أعراب مزينة وجهينة وأسلم وغفار والدّيل وأشجع ، قالوا آمنا ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم ، فلما استنفروا إلى المدينة تخلفوا.
الإيضاح
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا) أي قالت الأعراب : صدقنا بالله ورسوله ونحن له مؤمنون فردّ الله عليهم مكذبا لهم مع عدم التصريح بذلك فقال :
(قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) أي قل لهم : إن الإيمان هو التصديق مع طمأنينة القلب والوثوق بالله ولم يحصل لكم بعد ، بدليل أنكم مننتم على الرسول بترك مقاتلته ، ولكن قولوا : انقدنا لك واستسلمنا ، ولا ندخل معك فى حرب ، ولا نكون عونا لعدوك عليك.
وجاءت الآية على هذا الأسلوب ، ولم يقل لهم كذبتم ، ولكن قولوا أسلمنا ، حملا له عليه السلام على الأدب فى التخاطب ليتأسّى به أتباعه ، فيلينوا لمن يخاطبونهم فى القول.
(وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) أي قولوا أسلمنا فحسب ، لأنه لم يدخل الإيمان