وقد شبهت بأكل اللحم لما فيها من تمزيق الأعراض المشابه لأكل اللحم وتمزيقه ، وقد جاء هذا على نهج العرب فى كلامهم. قال المقنّع الكندي :
فإن أكلوا لحمى وفرت لحومهم |
|
وإن هدموا مجدى بنيت لهم مجدا |
وقد زادت الآية فجعلت اللحم لحم أخ ميت تصويرا له بصورة بشعة تستقذرها النفوس جميعا.
سمع على بن الحسين رضى الله عنهما رجلا يغتاب آخر فقال : إياك والغيبة فإنها إدام كلاب الناس ، وقيل لعمرو بن عبيد : لقد وقع فيك فلان حتى رحمناك ، قال : إياه فارحموا.
وقال رجل للحسن البصري : بلغني أنك تغتابنى ، فقال : لم يبلغ قدرك عندى أن أحكمك فى حسناتى.
وقد ثبت فى الصحيح من غير وجه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال حين خطب فى حجة الوداع : «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا».
(وَاتَّقُوا اللهَ) أي فاكرهوا الغيبة ، واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه ، وراقبوه واخشوه.
ثم علل هذا بقوله :
(إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) أي إن الله يتوب على من تاب إليه عما فرط منه من الذنب ، رحيم به أن يعذبه بعد توبته.
ويجب على المغتاب أن يبادر إلى التوبة حين صدورها منه ، بأن يقلع عنها ويندم على ما فرط منه ، ويعزم عزما مؤكدا على ألا يعود إلى مثل ما فرط منه.
ولا تحرم الغيبة إذا كانت لغرض صحيح شرعا لا يتوصل إليه إلا بها ، وينحصر ذلك فى ستة أمور :