(فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) أي فإن أبت إحدى هاتين الطائفتين الإجابة إلى حكم الله وتعدت ما جعله الله عدلا بين خلقه ، وأجابت الأخرى فقاتلوا التي تعتدى وتأبى الإجابة إلى حكمه حتى ترجع إليه وتخضع طائعة له.
(فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ) أي فإن رجعت الباغية بعد قتالكم إياها إلى الرضا بحكم الله ـ فأصلحوا بينهما بالإنصاف والعدل حتى لا يتجدد بينهما القتال فى وقت آخر.
ثم أمرهم سبحانه بالعدل فى كل أمورهم فقال :
(وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي واعدلوا فى كل ما تأتون وما تذرون ، إن الله يحب العادلين فى جميع أعمالهم ويجازيهم أحسن الجزاء.
وفى الصحيح عن أنس رضى الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قلت : يا رسول الله : هذا نصرته مظلوما ، فكيف أنصره ظالما؟
قال : تمنعه من الظلم ، فذلك نصرك إياه».
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) أي إنهم منتسبون إلى أصل واحد وهو الإيمان الموجب للسعادة الأبدية ، وفى الحديث «المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يعيبه ، ولا يخذله ، ولا يتطاول عليه فى البنيان فيستر عليه الريح إلا بإذنه ، ولا يؤذيه بقتار قدره إلا أن يغرف له غرفة ، ولا يشترى لبنيه الفاكهة فيخرجون بها إلى صبيان جاره ولا يطعمونهم منها ، ثم قال احفظوا ولا يحفظ منكم إلا قليل» وفى الصحيح أيضا : «إذا دعا المسلم لأخيه بظهر الغيب : قال الملك : آمين ولك بمثله».
ولما كانت الأخوّة داعية إلى الإصلاح ولا بد ـ تسبب عن ذلك قوله :
(فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) فى الدين كما تصلحون بين أخويكم فى النسب.