قال ابن عباس فى الآية : نهى الله المؤمن أن يظن بالمؤمن سوءا اه.
ثم لما أمرهم سبحانه باجتناب كثير من الظن نهاهم عن التجسس فقال :
(وَلا تَجَسَّسُوا) أي ولا يتتبع بعضكم عورة بعض ، ولا يبحث عن سرائره يبتغى بذلك الظهور على عيوبه ، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره ، وبه فاحمدوا أو ذموا ، لا على ما تعلمون من الخفايا.
وفى الصحيحين عن أبى هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : «إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» التجسس : البحث عما يكتم عنك ، والتحسس : طلب الأخبار والبحث عنها ، والتناجش : البيع على بيع غيرك (الزيادة عليه) والتدابر : الهجر والقطيعة.
وعن أبى برزة الأسلمى قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ، فإن من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته ، ومن يتبع الله عورته يفضحه فى عقر بيته».
وروى الطبراني عن حارثة بن النعمان رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «ثلاث لازمات لأمتى : الطّيرة والحسد وسوء الظن ، فقال رجل وما يذهبهن يا رسول الله ممن هن فيه؟ قال صلّى الله عليه وسلم : إذا حسدت فاستغفر الله ، وإذا ظننت فلا تحقّق ، وإذا تطيرت فامض».
وقال عبد الرحمن بن عوف : حرست ليلة مع عمر بن الخطاب بالمدينة ، إذ تبين لنا سراج فى بيت بابه مجاف على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط ، فقال عمر : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب ، فما ترى؟ قلت : أرى أنا قد أتينا ما نهى الله عنه ، قال تعالى : «وَلا تَجَسَّسُوا» وقد تجسسنا ، فانصرف عمر وتركهم.