والإقبال على الآخرة ، وأن من فاز بها فقد حازها بحذافيرها ، ومن حرمها فما له فيها من خلاق ، ولم يعلموا أن الله يختص برحمته من يشاء ويصطفى لدينه من يشاء.
وعن قتادة : قال ناس من المشركين نحن أعز ونحن ونحن فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان فنزلت هذه الآية.
وروى أنه لما أسلمت جهينة ومزينة وأسلم وغفار قالت بنو عامر وغطفان وأشجع وأسد : لو كان هذا خيرا ما سبقتنا إليه رعاء البهم والشاء.
فأجابهم الله عن هذا بقولهم :
(وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ) اى وقد ظهر عنادهم واستكبارهم إذ لم يهتدوا به ، وسيقولون الفينة بعد الفينة والحين بعد الحين : هذا كذب مأثور عن الأقدمين ، انتقاصا له ولأهله ، واستكبارا عن اتباع الحق.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «الكبر بطر الحق وغمص (احتقار) الناس».
ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم : «وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً».
ثم رد عليهم طعنهم فى القرآن وأثبت صحته فقال :
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) أي ومما يدل على صحة القرآن أنكم لا تنازعون فى أن الله أنزل التوراة على موسى وجعلها إماما لبنى إسرائيل ورحمة لهم ، وهى قد اشتملت على البشارة بمقدم محمد صلّى الله عليه وسلّم فلا بد أن يكون محمد صادقا فى رسالته ، وأن يكون القرآن من عند الله ، وقد جاء بلسان عربى لينذر الذين ظلموا أنفسهم وهم مشركو مكة وهو بشرى لمن أحسن عملا.
والخلاصة ـ كيف يكون إفكا قديما وهو مصدق لكتاب موسى الذي تعترفون