يا عائشة إن الله لم يرض من أولى العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها ، والصبر عن محبوبها ، ثم لم يرض منى إلا أن يكلفنى ما كلفهم فقال : «فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ» وإنى والله لأصبرنّ كما صبروا جهدى ولا قوة إلا بالله» أخرجه ابن أبى حاتم والدّيلمى.
ولما أمره بالصبر ، وهو أعلى الفضائل ، نهاه عن العجلة وهى أخسّ الرذائل فقال :
(وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) أي ولا تعجل بمسألة ربك العذاب لهم ، فإنه نازل بهم لا محالة.
ونحو الآية قوله تعالى : «وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً» وقوله : «فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً».
ثم أخبر بأن العذاب إذا نزل بالكافرين استقصروا مدة لبثهم فى الدنيا حتى يحسبونها ساعة من نهار فقال :
(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) أي كأنهم حين يرون عذاب الله الذي أوعدهم بأنه نازل بهم ـ لم يلبثوا فى الدنيا إلا ساعة من نهار ـ لأن شدة ما ينزل بهم منه ينسيهم قدر ما مكثوا فى الدنيا من السنين والأعوام ، فيظنونها ساعة من نهار.
ونحو الآية قوله : «كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ؟. قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ» وقوله : «كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها».
(بلاغ) أي هذا القرآن بلاغ لهم ، وكفاية إن فكروا واعتبروا ، ودليله قوله تعالى : «هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ» وقوله : «إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ».