المعنى الجملي
بعد أن ذكر الحوار بين الكافر وقرينه من الشياطين ، واعتذار الكافر وردّ القرين عليه ، وأن الله سبحانه نهاهم عن الاختصام لديه ، لأنه لا فائدة فيه بعد أن أوعدهم على ألسنة رسله ـ أردف هذا ذكر حال المتقين ، فذكر أن الجنة تكون قريبة منهم بحيث يرونها رأى العين ، فتطمئن إليها نفوسهم وتثلج لمرآها صدورهم ، ويقال لهم هذا هو الثواب الذي وعدتم به على ألسنة الأنبياء والرسل ، وهو دائم لا نفاد له ولا حصر ، فكل ما يريدون من لذة ونعيم فهو حاضر ، ولهم فوق هذا رضوان من ربهم «وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ».
الإيضاح
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ) أي وأدنيت الجنة للذين اتقوا ربهم ، واجتنبوا معاصيه ، بحيث تكون بمرأى العين منهم ، إكراما لهم ، واطمئنانا لنفوسهم ، فيرون ما أعدّ لهم من نعيم وحبور ، ولذة وسرور ، لا نفاد له ولا فناء.
(هذا ما تُوعَدُونَ) أي وتقول لهم الملائكة : هذا هو النعيم الذي وعدكم به ربكم على ألسنة رسله ، وجاءت به كتبه.
ثم بين المستحق لهذا النعيم فقال :
(لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ ، وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) أي هذا الثواب للمتقين الذين يرجعون من معصية الله إلى طاعته تائبين من ذنوبهم ويلقون الله بقلوب منيبة إليه ، خاضعة له.
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ) أي وتقول لهم الملائكة تكرمة لهم : ادخلوا الجنة سالمين من العذاب والهموم والأكدار ، فلا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون.
ثم يبشّرون ويقال لهم :