قال الأصمعى معناه : قاربه ما يهلكه أي نزل به ، وأنشد :
فعادى بين هاديتين منها |
|
وأولى أن يزيد على الثلاث |
أي قارب أن يزيد.
(طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) أي طاعة لله وقول معروف أمثل لهم وأحسن مما هم فيه من الهلع والجزع والجبن من لقاء العدو ، فمتاع الحياة الدنيا متاع قليل ، وظل زائل ، والآخرة خير لمن اتقى.
(فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) أي فإذا حضر القتال كرهوه وتخلّفوا عنه خوفا وفرقا ، ولو صدقوا فى إيمانهم واتباعهم للرسول ، وأخلصوا النية فى القتال لكان خيرا لهم عند ربهم ، إذ ينالون به الثواب والزلفى عنده ويعطيهم ما تقرّ به أعينهم ، ويدخلهم جنات النعيم.
ثم خاطب أولئك المنافقين خطاب توبيخ وتأنيب فقال :
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) أي فلعلّكم لما عهد فيكم من الحرص على الدنيا وزخرفها إذ قد أمرتم بالجهاد الذي هو الوسيلة إلى الثواب فكرهتموه ، وظهر عليكم ما ظهر من الخوف والهلع والتشبث بالبقاء فى هذه الحياة والتكالب على زينتها إن أنتم توليتم أمور الناس وصرتم عليهم أمراء أن تفسدوا فى الأرض بالبغي وسفك الدماء ، وتقطعوا أرحامكم فتعودوا إلى تباغض الجاهلية من إغارة بعضكم على بعض ونهب الأموال وسفك الدماء.
والخلاصة ـ إنه لاعجب بعد أن صدر منكم ما صدر من كراهة الدفاع عن حوزة الإسلام ـ أن تعيدوا أحوال الجاهلية جزعة إذا صرتم أمراء الناس وولاتهم.
وبعد أن ذكر هناتهم بين سببها فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) أي فهؤلاء هم الذين أبعدهم الله من رحمته ، فأصمهم عن الانتفاع بما سمعوا ، وأعمى أبصارهم عن الاستفادة مما