كلّها أن تعقل وتحصل صورا لتلك الذات فاذا كان كذلك لم يمتنع أن يكون المعقولات من حيث هي معقولات بالفعل ، وهي عقل بالفعل أن يعقل أيضا فيكون الذي يعقل حينئذ ليس هو شيئا غير الذي هو بالفعل عقل.
والبرهان المذكور من الشفاء منقول في أسرار الحكم للحكيم السبزوارى مترجم بالفارسية وهو البرهان الثانى فيه قال : «برهان دوم آن است كه عاقله قوّت دارد بر افعال غير متناهية ... إلخ» (ص ٢٤١ ، بتصحيح الاستاد العلّامة الشعرانى وتعليقاته عليه).
وكذا نقله في الحكمة المنظومة بتحرير آخر ، قال :
والثالث قولنا : وكون فعل النفس لا انتهاء له. بيانه أنّ العاقلة تقوى على أفعال غير متناهية ، ولا شيء من الجسمانيات يقوى على أفعال غير متناهية. أما الصغرى فلأنّ العاقلة تقوى على معقولات غير متناهية ، ففي إدراك كل معقول كلى يحيط بجميع أفراده الغير المتناهية لأنّ ذلك المعقول من حيث التحقق عين تمام المشترك النوعى أو الجنسى أو غيرهما لجميع أفراده فإذا عقدت قضية عقلية بأنّ النار مشرقة أحاط عاقلتك بجميع النيران ماضية أو آتية ، خارجية أو ذهنية؛ بخلاف ما في الخيال من الصورة النارية الجزئية. وكون التعقل فعلا ليس فيه كثير إشكال؛ وكفاك قولهم في الملكة العلمية إنّها عقل بسيط خلاق التفاصيل. وأما الكبرى فلما ثبت أنّ قوى الجسمانية (كذا ـ القوى الجسمانية ـ ظ) متناهية التأثير والتأثر.
أقول : هذا تمام كلام السبزوارى في تقرير هذا البرهان على تجرّد النفس الناطقة.
وناظر في كلامه : «بخلاف ما في الخيال ...» إلى قول الشيخ في الشفاء : «وليس لقائل أن يقول : كذلك المتخيلات ...» وكذا كلامه : «وكون التعقل فعلا ...» ناظر إلى كلام الشيخ في الشفاء : «ولا لقائل أن يقول : إن هذه القوّة ...» كما أنّ أصل البرهان من الشفاء. ثمّ أفاد في هامش المنظومة مطالب في بيان هذا البرهان وأجاد جدا وهي ما يلى :
قولنا أمّا الصغرى فلأنّ العاقلة تقوى على معقولات غير متناهية ، أي كل منها