والشيخ ذكر اصل البرهان فقط في النجاة واكتفى به ، ولم يأت فيها بقوله : «وليس لقائل أن يقول ـ إلى قوله : بعد تصرّف فعلى». وعبارته فيها هكذا :
وأيضا فإنّه قد يصحّ (قد صحّ ـ خ. ل) لنا أنّ المعقولات المفروضة التي من شأن القوّة الناطقة أن تعقل بالفعل واحدا واحدا منها غير متناهية بالقوّة ، ليس واحد أولى من الآخر؛ وقد صحّ لنا أنّ الشيء الذي يقوى على أمور غير متناهية بالقوّة لا يجوز أن يكون محله جسما ولا قوّة في جسم ، قد برهن على هذا في السماع الطبيعى؛ فلا يجوز إذن أن تكون الذات القابلة للمعقولات قائمة في جسم البتة ولا عقلها بكائن (ولا فعلها الكائن ـ خ. ل) في جسم ولا بجسم (ولا بجسم ـ أو بجسم ـ خ. ل). (ص ١٧٨ ، ط مصر).
ونحو ما في النجاة ذكر البرهان في الفصل الخامس من رسالته في النفس وبقائها ومعادها (ص ١٢٩ و ١٣٠ من مجموعة الرسائل الفلسفية ، ط جامعة استانبول. وص ٨٦ ، ط مصر ، بتصحيح الأهواني).
ونسخة «ولا فعلها أكثروا أولى» ، ويؤيدها قوله : «بعد تصرف فعلى» وإن كان فعلها عقلها.
بيان البرهان : معنى صحّ أو يصحّ يساوق الإمكان. وكون المعقولات غير متناهية بالقوّة بل بالفعل مما لا ينبغى المراء فيه. وكذلك عدم تأبّيها وتعصّيها عن أن تصير معقولة للنفس مما لا يعتريه الارتياب. وأنّ النفس الناطقة يصحّ لها أن تكون عاقلة لتلك المعقولات الغير المتناهية فممّا لا يصحّ النزاع فيه ، والمنازع مكابر مقتضى عقله. والتعقّل فعل النفس فكونها قوية على أمور غير متناهية بالقوّة أي كونها قوية على إدراكات غير متناهية بالقوّة أي على أفعال غير متناهية بالقوّة. وأنّ الجسم والجسمانيات مطلقا متناهية التأثير والتأثر فمما برهن في السماع الطبيعى. فالنتيجة أنّ جوهر النفس ليس بجسم ولا جسمانى.
والشيخ في هذا البرهان كأنّه ناظر إلى كلام الفارابى في رسالة له في إطلاقات العقل من أنّ شأن ذات النفس الناطقة أن تكون عاقلة للموجودات كلها ، وشأن الموجودات