المادية. ولكن الحق أنّ عبارة المحقق الطوسى أعم شمولا من التفسير المذكور لأنّه يشمل أيضا قوّة النفس وقدرتها على التصرف بمادة الكائنات ، والتعلق بها من غير أنّ تماسها أعضاؤها كالمعجزات وخوارق العادات وإظهار الكرامات والعلم بالمغيبات ، وعلم النفس بذاتها وآلاتها وإدراكاتها بلا توسط آلة بينها وبينها ونحوها مما تعجز المقارنات للمادة عنها مطلقا ، فلا وجه في انحصاره بالوجه المفسّر المذكور ، أو بالوجوه القريبة منه. ثمّ بعد ما فسّروها بالوجه المذكور أعنى كون النفس قادرة على تعقل أمور غير متناهية أوردوا عليه بعض الإيرادات الغير الواردة. وصاحب الشوارق حمل قول المحقق الطوسي على البرهان المذكور من الشفاء أوّلا ، ثمّ على برهان آخر من أنّ النفس تدرك ذاتها وآلاتها وإدراكاتها ثانيا وجعلهما بيانا لصغرى القياس. فلا بأس بنقل طائفة ممّا ذكروها حول كلامه : «وقوتها على ما يعجز المقارنات للمادة عنها» ثمّ بالإيماض إلى ما يجري بذلك :
قال في كشف المراد في شرح قول المحقق الطوسى : «وقوتها على ما تعجز المقارنات عنه» وهو الوجه الثالث من وجوه أدلة تجرّد النفس الناطقة الإنسانية ، ما هذا لفظه :
أقول : هذا هو الوجه الثالث ، وتقريره أنّ النفوس البشرية تقوى على ما لا تقوى عليه المقارنات للمادة فلا تكون مادية لأنّها تقوى على ما لا يتناهى لأنّها تقوى على تعقلات الأعداد غير المتناهية ، وقد بينّا أنّ القوّة الجسمانية لا تقوى على ما لا يتناهى فتكون مجرّدة. وفيه نظر لأنّ التعقل قبول لا فعل ، وقبول ما لا يتناهى للجسمانيات ممكن. انتهى.
أقول : قوله لأنّها تقوى على ما لا يتناهى ، إن كان المراد بيان فرد مما يشمله كلام المحقق الطوسى فلا كلام فيه ، وإلّا فقد دريت انّه اعمّ شمولا منه. ثمّ انّ نظر صاحب الكشف منظور فيه وذلك لأنّ التعقل هو صورة علمية جمعية فتارة هي معنى معقول غير متناهى الأفراد ، وتارة هي حقيقة وجودية نورية لها شئون نورية ذات شجون هي رقائقه ، وهذا الشخص من الجسم الخارجى مقارن للمادة وممنو بالمكان والزمان ليس