بصورة خيالية شاعرة فضلا عن أن تكون صورة عقلية فما فوقها من الحقيقة الوجودية المتشأنة بشئوناتها الظلية. والحقّ أنّ التحقيق التام الذي حكيناه عن المتأله السبزوارى آنفا لا يبقى مجالا للتفوّه بأمثال هذه الشبه.
قال الفاضل القوشجى في شرح قول المحقق الطوسى : «وقوّتها على ما يعجز المقارنات عنه» ما هذه حكاية ألفاظه :
يعنى أنّ النفس الناطقة تقوى على معقولات غير متناهية ، وقد سبق أنّ أفعال الماديات متناهية.
وأجيب بأنّ التعقل عبارة عن قبول النفس الصورة العقلية وهو انفعال لا فعل والانفعالات الغير المتناهية جائزة على الجسمانيات كما في النفوس الفلكية المنطبعة وهيولى الأجسام العنصرية.
أقول : ولو سلّم أنّه فعل ، قولكم النفس تقوى على معقولات غير متناهية إن أردتم به أنّها لا تنتهى إلى معقول إلّا وهي تقوى على تعقل آخر بعده فالقوى الجسمانية أيضا كذلك فإنّ القوّة الخيالية مثلا لا تنتهى في تصور الأشكال إلى حدّ إلّا وهي تقوى على تصور شكل آخر بعده. وإن عنيتم به أنّها تستحضر معقولات لا نهاية لها دفعة واحدة فهو ممنوع ، إلّا أن يريدوا أنّها يتصور مفهوما كليا ويلاحظ أفراده الغير المتناهية في ضمن ذلك المفهوم الكلى إجمالا والقوى الجسمانية لا تقدر على تعقل ذلك. قلنا ذلك لأنّها لا تقدر على تعقل الكلّى فيرجع إلى الوجه الأوّل بعينه. وأيضا فإنّ النفس تدرك ذاتها وآلاتها وإدراكاتها والمدرك الجسماني ليس كذلك كالباصرة والسامعة والوهم والخيال لأنّها تنعقل بتوسط آلة ولا يمكن توسط الآلة بين الشيء وذاته وآلته وإدراكاته.
وأجيب عن ذلك بأنّه لم لا يجوز أن يدرك بعض الجسمانيات ذاتها وإدراكاتها من غير توسط آلة وكذا ما هو آلة لها في سائر الإدراكات. انتهى.
أقول : التعقل كالتفكير فعل يخصّ النفس بوجه خاص. والصورة العقلية مطلقا جوهر مدرك لذاته فهو عقل وعاقل ومعقول. والتعقل في الحقيقة ارتقاء النفس إلى