تقرير الحجة؛ إلّا أنّ صاحب الأسفار أفاد في أثناء عبارات المباحث عدّة إشارات لطيفة معنونة بقوله : أقول ، هي مع عبارات الفخر كالشرح المزجى لبيان الحجة ، فنحن نأتى بما في الأسفار ثمّ نتبعه بعون الفيّاض على الإطلاق بعض الإيماضات حولها فيعلم من جميع ذلك أنّ الحجة في غاية الإتقان وهي حجة قاطعة على طالبى الإيقان في معرفة النفس بنور البرهان ، والاعتراضات التي اوردوها عليها موهونة جدّا. ثمّ وقد حرّفت في الأسفار المطبوعة كلمة صاحب المباحث بصاحب المباحثات والصواب هو الأوّل بلا مراء. فعليك بما في الأسفار من تقرير الحجة على النهج الذي وصفناه :
الحجة الرابعة أنّ القوة العاقلة تقوى على أفعال غير متناهية ، ولا شيء من القوى الجسمانية يقوي على أفعال غير متناهية ، فلا شيء من القوى العاقلة جسمانية. أمّا الصغرى فانّها تقوى على إدراك الأعداد ولا نهاية لمراتبها مع أنّها أحد الأنواع المدركة للقوّة العاقلة؛ وأمّا بيان الكبرى فقد سبق.
قال صاحب المباحث أنّ إثبات كون القوى الجسمانية متناهية الفعل يحتاج إلى أن نبيّن أنّها منقسمة بانقسام محلّها فيرد النقوض الموردة على الحجة الأولى أعنى النقض بالنقطة والواحدة والإضافة ومدركات الوهم وغيرها.
أقول : قد مرّ اندفاع تلك النقوض بحمد اللّه.
ثمّ قال : ثمّ على هذه الحجة أسئلة زائدة تخصّها :
أوّلها : أنا لا نسلّم أنّ القوة الناطقة تقوى على إدراك أمور غير متناهية دفعة ، بل إدراكا لا ينتهى إلى حد إلّا ويقوى بعد ذلك على إدراك شيء آخر ، ولكن لا يلزم من ذلك كونها قوية على إدراكات غير متناهية كما أنّ الجسم لا ينتهى في الانقسام إلى حدّ يقف عنده ولكن يستحيل أن يحصل له تقسيمات غير متناهية بالفعل فكذلك هاهنا. وبالجملة فالحال في فاعلية تلك القوّة كالحال في منفعليته.
الثانى : سلمنا أنّها قوية على أمور غير متناهية ، ولكن لم قلتم انّها قوية على أفعال غير متناهية؟ وذلك لأنّ الإدراك ليس فعلا بل هو انفعال وانتم تجوّزون أن يكون الأمر الجسماني قويا على انفعالات غير متناهية. والدليل عليه أنّكم تثبتون هيولى