في المقام. ويجب الفرق بين دفعة زمانية وآنية وبين دفعة دهرية فان الأوليين لا يليقان بعالم العقل بخلاف الثانية كالفرق بين الجسم الزمانى وبين الجسم الدهرى فافهم.
قوله : «وأيضا فإنّ النفس تدرك ذاتها إلخ».
أقول : هذا البيان هو أحد المصاديق المستفاد من قول المحقق الطوسى : «وقوتها على ما يعجز المقارنات للمادة عنه». كما تقدّم كلامنا فيه.
وأمّا قوله : «وأجيب عن ذلك بأنّه لم لا يجوز إلخ» فسيأتى التحقيق الحقيق بذلك في البراهين الآتية فيعلم دليل عدم الجواز الذي توهمه المجيب. وصاحب الشوارق ناظر إليه بقوله :
وما قيل لم لا يجوز أن يدرك بعض الجسمانيات ذاتها وآلتها وإدراكاتها من غير توسط آلة ، ففساده ظاهر ، لأنّه لو كان كذلك لم يكن جسمانيا ، إذ لا معنى للجسمانى إلّا ما يدرك ويعقل بالجسم.
ثمّ قال :
فإن قلت : هذا الدليل منقوض بنفوس الحيوانات العجم فإنّها تدرك ذواتها وآلاتها مع كونها مادية.
قلت إدراكها لذواتها كما يدرك الإنسان ذاته أعنى مع الغفلة عن الحواس ممنوع بل الظاهر أنّ إدراكها انّما هو لبدنها وعوارضه باللمس والحس لا غير فليتدبر وبالجملة لا نقض إلّا مع العلم. انتهى.
أقول : وقد حرّرنا الكلام في النفس الحيوانية في العين الإحدى والعشرين من كتابنا العيون.
اعلم أنّ هذا البرهان المذكور من الشفاء والنجاة ورسالة الشيخ في النفس وبقائها ومعادها ، هو ما جعله الفخر الرازى في المباحث المشرقية الدليل الثالث من أدلة تجرّد النفس الإنسانية بتحرير آخر. (ج ٢ ، ص ٣٦٠ ، ط حيدرآباد). وأيضا هو ما جعله صدر المتألهين في نفس الأسفار الحجة الرابعة من حجج تجرّد النفس تجرّدا تاما عقليا (ج ٤ ، ص ٦٩ و ٧٠ ، ط ، ايران) وصاحب الأسفار نقل عبارة صاحب المباحث في