لأنّ تلك الصورة الأخرى إن كانت مخالفة للأولى بالعدد كان كتغاير زيد وعمر المتحدين بالماهية الإنسانية مثلا والأمور المتحدة بالماهية لا تتغاير إلّا بسبب اقترانها بأمور متغايرة إمّا مادية كتغاير الأشخاص المتفقة بالنوع ، أو غير مادية كتغاير الأنواع المتفقة بالجنس ، أو بسبب اقتران البعض بشيء وتجرد البعض عنه وذلك الشيء إمّا مادّى وهو كتغاير الإنسان الجزئي للإنسان من حيث هو طبيعته ، أو غير مادى كتغاير الانسان الكلى للإنسان من حيث هو طبيعة ، ويتبيّن من ذلك امتناع تغاير الأشخاص المتفقة بالنوع من غير تغاير المواد وما يجرى مجريها ، والصورتان حالّتان في مادّة واحدة هي آلة القوّة العقلية ومحلّها فإذا فرضتا مغايرتين بالعدد فتميز إحداهما عن الآخر غير متصور فقال على هذا المنوال في وجه البطلان أي بطلان تغاير الصورتين بالعدد : لأنّ المغايرة بين أشياء تدخل في حدّ واحد ، أي مغايرة الأمور المتحدة في الماهية إمّا لاختلاف المواد والأحوال والأعراض كتغاير الأشخاص المتفقة بالنوع ، وإمّا لاختلاف بين الكلى والجزئى كتغاير الإنسان الجزئى للإنسان من حيث هو طبيعته إن أخذ الكلى كليا طبيعيا ، وإن أخذ عقليا فظاهر أيضا ، وإمّا لاختلاف المجرّد عن المادة والموجود في المادة كتغاير الإنسان الكلى للإنسان من حيث هو طبيعة خارجية مثلا ، والحال ليس هاهنا اختلاف موادّ وأعراض فان المادة واحدة والأعراض حاصلة لمادة واحدة هي آلة القوة العقلية؛ وكذلك ليس هاهنا اختلاف التجريد والوجود في المادة فإنّ كليهما في المادة الواحدة؛ وكذلك ليس هاهنا اختلاف الخصوص والعموم أي الاختلاف بين الجزئى والكلى لأنّ إحدى الصورتين إن استفادت جزئية فانّها تستفيد الجزئية بسبب المادة الجزئية واللواحق التي تلحقها من جهة المادة التي فيها وهذا المعنى لا يختص بإحدى الصورتين دون الأخرى.
فإن قلت : الصورة الثانية حالّة في الأولى لا في مادتها؛ أو إنّ إحداهما حالّة في العاقلة وفي محلّها معا ، والأخرى حالة في محلّها فقط فلا يلزم اجتماع المثلين في محل واحد ، قلنا هذا مجرّد فرض في الذهن فإنّه إذا كان محلهما واحدا فهما منطبعان فيه خارجا مجتمعان معا في مادة واحدة. ثمّ انّ القوّة العاقلة إن كانت في تلك الآلة ،