واختلال البدن. انتهى كلام صاحب الأسفار فيما تفرد به في المقام.
أقول : أمّا قول صاحب الأسفار «انّ هذا البرهان أيضا غير دال على أنّ لكل إنسان جوهرا مفارقا عقليا» قد تقدّم التحقيق ذلك منّا في أثناء البحث عن البرهانين الأوّل والثانى من الشفاء ، فقد دريت في الموضعين أنّ ما أدّى إليه نظره الشريف في هذا الأمر ليس على ذلك الإطلاق بصحيح.
وأمّا قول الفخر في المباحث : «وأمّا حفظه الأشياء التي يحفظها عند الشيخوخة فهو ضعيف» فأقول : ينبغى أن يميّز ويفرق في المقام بين فعل النفس من حيث هي عاقلة لذاتها ولما كسبتها ، وبينه من حيث هي فاعلة بالآلات البدنية ، والنظر الأصيل في مباحث تجرّدها هو الأوّل وهو باق على قوّته عند الشيخوخة سواء كثرت معلوماته أو قلّت؛ وأما الثاني فكلاله لا يضرّ تجرّدها. مثلا أنّ القوّة المتفكرة متحركة في فعلها ، ولا بد في الحركة هذه من استعمال الآلة الجسدية والآلات الجسدية يكلّها تكرّر الأفاعيل. وفي اللآلى المنتظمة للحكيم السبزوارى (ص ٨ ، ط ١) :
والفكر حركة إلى المبادى |
|
ومن مبادى إلى المراد |
والغرض إنّ الشيخ الهرم مثلا أمكن أن يدركه الضعف في تفكّر مسألة علمية من حيث سرعة كلال آلة الفكر ، قبل الشاب بزمان ، ولكن ذلك لا ينافى أن يتعقّل معانى عقلية متواليا من غير عروض كلال وفتور لأنّ المتفكرة في فعلها تحتاج إلى آلة جسدية دون العاقلة ، ويجب الفرق بينهما ، وانّما الكلام في تجرّد العاقلة. فحيث إنّ العاقلة في إدراكاتها وتعقلاتها المعانى المكسوبة المخزونة فيها باقية على قوّتها عند الشيخوخة مثلا علمنا أنّ النفس مجرّدة في ذاتها ويكفى ذلك في تجرّدها. فقوله : «وأمّا الأمور المحفوظة ...»
فيه كفاية لعدم كون النفس من المقارنات. وأما قوله في الفرق بين المرتسمين في الشيخ والشاب فوهمانى صرف لا برهان عليه ، بل العكس صواب.
قوله : «فإن قيل الشيخ ليس ...» السؤال يتضمن أمرين : أحدهما أنّ الشيخ ليس في الأمور العقلية الكلية سليم العقل ، وثانيهما أنّه في الأمور الجزئية الخالية أثقب رأيا من