الأمرين بهذا الوجه فلذلك أورد الاستشهاد بالإحساس والتحرّك.
وقوله : «ولكن ليس يعرض هذا الكلال» استثناء لنقيض التالى وهو متصلة سالبة جزئية ، تقديره : ولكن ليس كلما يعرض للآلات كلال يعرض للنفس في تعقّلها كلال ، بل قد تكلّ الآلات ولا تكلّ هي في تعقلها ، بل إمّا تثبت وإمّا تزيد وتنمو كما في سنّ الانحطاط. وأيضا كما يكون بعد توالى الأفكارى المؤدية إلى العلوم فإنّ الدماغ يضعف بكثرة الحركات الفكرية ، والنفس تقوى لازدياد كمالاتها. وهذا الاستثناء أنتج نقيض المقدم وهو أنّ تعقلها ليس بآلات بدنيّة ، وهاهنا قد تمّت الحجّة.
ثمّ الشيخ اشتغل بنفى وهم يمكن أن يعرض هاهنا وهو أن يقال : لو كان عدم كلال النفس في تعقّلها مع كلال الآلة دالّا على أن تعقلها ليس بالآلة لكان وجود كلالها في تعقلها مع كلال الآلة دالّا على أنّ تعقّلها بالآلة ، فذكر أنّ هذا استثناء لعين التالي وهو غير منتج. ثمّ زاد في بيانه بأنّ وجود الفعل لشيء في صورة معيّنة يدلّ على كونه فاعلا مطلقا ، أمّا عدمه في صورة معينة فلا يدلّ على كونه غير فاعل أصلا.
قال الفاضل الشارح معترضا على ذلك :
يجوز أن يكون المعتبر في بقاء النفس على كمال تعقلها حدّا معيّنا من الصحة البدنية وهو باق إلى آخر الشيخوخة ويكون النقصان الحاصل في زمان الكهولة واقعا في ما يزيد على ذلك المعتبر بخلاف الحاصل في آخر الشيخوخة فإنّه واقع في نفس ذلك المعتبر ، وحينئذ يكون النقصان الثانى مخلّا دون الأوّل ، كما أنّ للصّحة المعتبرة في بقاء القوّة الحيوانية حدّا ما لا تبقى تلك القوّة بدونها وتبقى مع الازدياد والانتقاص فيما وراءها. ثمّ إنّه حمل الازدياد في الكهول على الاجتماع العلوم الكثيرة عندهم في ذلك السنّ مع عدم الاختلال.
وأقول : القوّة الحيوانية تقع بالاشتراك على الكمال الأوّل الذي به يكون الحيوان حيوانا ، وعلى كمالات الثانية الصادرة عنه. والأوّل أمر لا يحتمل الزيادة والنقصان بخلاف الثاني ، فالحدّ المعيّن من الصحة الذي لا يزيد ولا ينقص معتبر في بقاء الأوّل.
وأمّا المعتبر في الثاني فالصحة القابلة للازدياد والانتقاص ، ولذلك يزيد تلك