إنّ الروح التي لك من جواهر عالم الأمر لا تتشكّل بصورة ، ولا تتخلّق بخلقة ، ولا تتعيّن لإشارة ، ولا تتردّد بين سكون وحركة ، فلذلك تدرك المعدوم الذي فات ، والمنتظر الذي هو آت ، وتسبح في الملكوت ، وتتنفّس من عالم الجبروت.
إن شئت فراجع شرحنا على فصوص الفارابى المسمّى بـ نصوص الحكم على فصوص الحكم (ص ١٧٩).
وقد أفاد وأجاد المتأله السبزوارى في بيان تجرّد النفس الناطقة وبيان مقام فوق تجرّدها في أوّل شرح الأسماء (ص ٤ ، ط ١) بقوله الرصين :
ولا تستبعدنّ كون النفس وجودا بلا ماهيّة إذ ليس لها حدّ يقف في مراتب الكمال فكلّ مرتبة يصل إليها يتجاوز عنها فلا سكون وطمأنينة لها ، أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وكلّ حدّ من الفعليّة تحصل لها تكسّرها خلق الإنسان ضعيفا ، وكلّ حياة تفيض عليها تميتها اقتلوا أنفسكم فتوبوا إلى بارئكم فهي شعلة ملكوتيّة لا تخمد نارها ، ولمعة جبروتية لا يطفى نورها ، لا سيّما النفس المقدّسة الختميّة التي أخبرت عن مقامها في النبويّ المشهور : لي مع اللّه وقت لا يسعنى فيه ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ....