المحقق الطوسى عليه. وقد تحقق في الحكمة المتعالية أنّ كل عاقل فهو معقول وأنّ كل معقول فهو عاقل على التفصيل المستوفى بيانه في كتابنا الفارسى دروس اتحاد عاقل به معقول.
ثمّ انّ النفوس الحيوانية مجرّدة دون التجرّد العقلى على التفصيل الذي تبيّن في العين الاحدى والعشرين من كتابنا المذكور سرح العيون في شرح العيون ، فهي جواهر مجرّدة غير تامة التجريد ، ولذا قلنا : كل جوهر شاعر بذاته فهو مجرّد ليعمّ الحكم الأقسام كلّها؛ ولو قلنا مكانه : انّ كل جوهر عاقل بذاته فهو مجرّد لم يشمل النفوس الحيوانية.
وحاصل هذا الاستدلال قياس من الشكل الثانى ، مؤدّاه أنّ ذاتك معلومة لك دائما ، وبدنك أو كل جزء منه غير معلوم لك دائما ، وغير المعلوم دائما غير المعلومة دائما فذاتك غير بدنك وغير أيّ جزء من أجزائه فتدبّر.
ثمّ انّ ظاهر الاستدلال يفيد مغايرة النفس للبدن وأما كونها مجرّدة فيتمّ بكونها جوهرا غير غافل عن ذاته والجوهر الشاعر بذاته مجرّد إما تجرّدا غير تام ، أو تجرّدا تامّا عقليا ، أو تجرّدا أتم من ذلك.
ثمّ يجب التعمّق في ما هو مأخوذ في هذا الدليل من أنّ النفس تغفل عن أجزاء بدنه أحيانا ، وفي ما قاله ابن الفنارى في جواب السؤال الخامس من خاتمة مصباح الأنس من أنّ الباطن غير غافل عن الظاهر حتى النائم في نومه والسكران في سكره ولذا يتنبّه بأدنى ما يصيبه لكنّ الظاهر قد يغفل عن الباطن مع حضوره بالاشتغال بغيره (ص ٣٠٤ ، ط ١).
وهذا الدليل من هياكل النور بالعربية مترجم في الهياكل النور بالفارسية : بدان كه تو غافل نباشى از خود هرگز ... (مجموعة مصنفات الشيخ الإشراقى ، ج ٣ ، ص ٨٥ ، ط ايران).