الكلام في المعادين في العين التاسعة والخمسين من كتابنا سرح العيون في شرح عيون مسائل النفس.
وخلاصة تحقيقه في المقام هي ما أتى به في آخر الإشراق التاسع من الشاهد الثانى من المشهد الأوّل من الشواهد الربوبية ، حيث قال :
كشف وإنارة : النفس عند إدراكها للمعقولات الكليّة تشاهد ذوات نورية مجرّدة لا بتجريد النفس إيّاها وانتزاع معقولها من محسوسها كما عليه جمهور الحكماء بل بانتقال ومسافرة يقع لها من المحسوس إلى المتخيّل ثمّ منه إلى المعقول ، وارتحال لها من الدنيا إلى الأخرى ثمّ إلى ما وراءها. وفي قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) إشارة إلى هذا المعنى. أي تقدّم النشأة الدنيا على النشأة الأخرى من جهة انتقال النفس من إدراك المحسوسات إلى ما ورائها فإنّ معرفة أمور الآخرة على الحقيقة في معرفة أمور الدنيا؛ على أنّ مفهوميهما من جنس المضاف ، وأحد المضافين لا يعرف إلّا مع الآخر؛ ولهذا قيل : الدنيا مرآة الآخرة. والعارف بمشاهدة أحوال الإنسان هاهنا يحكم بأحواله في القيامة ومنزلته عند الله يوم الآخرة. واعلم أنّ لهذه المسألة على هذا الوجه الذي أدركه الراسخون في الحكمة مدخلا عظيما في تحقيق المعادين الجسمانى والروحاني ، وكثير من المقاصد الإيمانية ولهذا بسطنا القول فيها في الأسفار الأربعة بسطا كثيرا ، ثمّ في الحكمة المتعالية بسطا متوسطا ، واقتصرنا هاهنا على هذا القدر اذ فيه كفاية للمستبصر (ص ٢٣ ، ط ١).
أقول : ما قاله في آخر كلامه في الشواهد من الفرق بين الأسفار والحكمة المتعالية ، كان باتفاق عدة نسخ من المخطوطة التي عندنا وهي نسخ معتبرة مصححة بعضها مزدانة بتعليقات بعض تلامذة المتأله السبزوارى حين كان يتعلم الشواهد منه وتلك التعليقات كلها من إفادات المتأله المذكور ، ونسخة منها بخط الحكيم المولى إسماعيل أستاذ المتأله السبزوارى.
وبالجملة النسخ كلها متفقة في نقل العبارة المذكورة أعنى قوله : «ولهذا بسطنا القول فيها إلخ» مع أنّ عباراته الأخرى ناصة على أنّ الأسفار والحكمة المتعالية كتاب